مرحباً بكم في مدينة قارة السورية الاثنين   18/8/2025  الساعة  02:01 مساءً Welcome to the Syrian city of Qarah
المنتدى
الصفحة الرئيسية للمنتدى  |  التسجيل في المنتدى  |  تعديل البيانات الشخصية  |  قواعد الكتابة في المنتدى  |  بحــث

منتدى الحوار  >>  منتدى الحوار العام  >>  الاعتزال الفكري الجديد ..

عدد الصفحات=2:   1 2
الكاتب
الموضوع لكتابة موضوع جديد   
حنظلة القاري

عضو مميز
عضو مميز
الاعتزال الفكري الجديد ..


‏يقول أبيقور الفيلسوف :

" العقل هو ناموس الإنسان وعبده في آن واحد .. فهو جوهر حياته وغاية وجوده .. ولطالما قلت إن المجانين أموات "


وفي قصيدته الشهيرة ( نبوءة البوليساريو ) يقول الشاعر الإسباني (( ديفيد كانولكا )) في أحد مقاطعها مخاطبا' أباه القسيس :

" إيميليو غارسيا ..
لا تقنعني بارتداء طيلسانك .. يا نائب المسيح على خطواتي ..
سأعطيك بزتي وربطة عنقي ..
فقط امنحني عقلي وارمني عاريا' في ريو تينتو " ..


و يقول الجاحظ أيضا' في رسالته ( الحكمة المحكمة ) :

" ولما كان العقل مناط التكليف .. لزم أن يكون له الحكم في كل التكاليف .. والأدلة الشرعية إنما هي عاضدة لحكمه .. فارتباطها به يكون كفاية وليس على وجه اللزوم " ..


____________


* ريو تينتو : نهر في إسبانيا .

* أبو ديفيد كانولكا لم يكن اسمه إيميليو غارسيا .

* ديفيد كانولكا لم يكن بلشفيا' ..

* ديفيد كانولكا لم يكتب " نبوءة البوليساريو " ..

* لا يوجد شاعر إسباني اسمه " ديفيد كانولكا " ..

* ليس للجاحظ رسالة اسمها الحكمة المحكمة ..

* أبيقور لم يقل تلك الكلمات وإن كانت ليست غريبة عن فلسفته ... ( بالعامية ... ما بيرده عقلو) ..

___________

يتبع ..  
27-2-2010    04:23
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
حنظلة القاري

عضو مميز
عضو مميز



كان الغرض من المقدمة الهزلية السابقة .. تنبيه الأذهان إلى طريقة إبليسية خبيثة في إفحام المتحاور لقرينه .. وذلك عندما يكون الحوار مطروحا' لأجل الحوار فقط ..


و هي أنك إذا شعرت بموقف حرج وضعف حجة تجاه من تحاوره .. ما عليك إلا أن تلفق كلاما' محبوكا' يوافق رأيك واتجاهك .. فتنسبه ل نيتشه أو ل ديكارت أو ل كانط أو ل أينشتاين أو ل شكسبير .. أو لأي مفكر أو أديب عالمي مشهور .. حتى لو كان ذلك المفكر غير موجود إلا في خيالك وكانت شهرته من زعمك وافتراضك ..


وما عليك بعدها إلا أن تبتسم ابتسامة صفراوية وأنت تقول بحزم مفتعل وثقة متهورة :

" استحالة أن يكون ما تقوله صحيح يا عم !"

فيرد عليك الطرف الآخر غاضبا' و يائسا' :

" ماذا تقول أنت يا أستاذ ...! .. على كل ممكن " ..


بجميع الأحوال .. لا تستشهد بالنصوص القرآنية ولا بالأحاديث النبوية .. لأنه سيستغل ذلك فيضيعك في تأويلات تلك النصوص ومقاصدها .. وذلك وفقا' لما يريده عقله لا لما يقتضيه أصل التأويل وضوابطه .. عدا عن كونه إذا ادعى أنه إنسان حداثي يؤمن بالعلم ولغته .. سينكمش منك ويتهمك بصبغ الحوار بصبغة دينية وذلك ما يتناقض مع تحرر فكره وانفتاحه المزعوم ..


ولكني أنصحك نصح من يريد مصلحتك .. لا تتورط أبدا' في خوض حوار من أجل الحوار ..


________


أعود إلى أصل البحث الذي نويت طرحه :


¤ فالاعتزال ¤ .. أو المعتزلة مدرسة فكرية بائدة لملمت أوراقها عقب تولي المتوكل العباسي للخلافة - طبعا' هذا ما كنت أتصوره - ..

وهي فئة كلامية تعلي من شأن العقل و تغالي في تقديسه .. فقد أمعنوا - أي المعتزلة - في تأويل النصوص و رد ظاهرها إذا تعارض مع عقلهم المزعوم .. حتى أفرغوا تلك النصوص من مضامينها وحولوها إلى مجرد كلامات شعائرية لا روح لها ولا حياة .. ورجعوا في تفسيرهم لها إلى عقولهم وأفهامهم المختلفة دون اعتماد أي ضابط لذلك ..
..
28-2-2010    04:30
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
حنظلة القاري

عضو مميز
عضو مميز


تتمة ..

..

وفي وقتنا الراهن .. بعد أن احتكمت جل دول العالم بما فيها الدول العربية والإسلامية للقوانين الوضعية و بروتوكولات الإنسان العصري .. وقع عامة المسلمين في تناقض بين تبعيتهم المطلقة للأدلة الشرعية وفهمها بذات الروح التي تعارفت عليها المدارس الفقهية من عهد السلف وحتى وقتنا الحاضر .. وبين تبعيتهم الجديدة لتفاصيل الحياة العصرية وأطرها التي لا تعترف بالنصوص الشرعية إلا على أنها مصدر تكميلي ثانوي من مصادر الاستدلال في فهم شتى القضايا المعاصرة ..


وكان أن خرج فئة من الأكاديميين .. الحضاريين و المتنورين - بزعمهم - .. أرادوا التوفيق بين النصوص الشرعية و بين ما سموه روح الحداثة .. فقالوا : " دعونا نقرأ النص و نفهمه حسب الواقع والعصر الذي نعيش فيه بعيدا' عن أي مؤثر أخر .. " ..

وأصروا على وجوب تعدد القراءات للنص الواحد وذلك بطريقة عصرية تناسب عهد الانفتاح على الآخرين و تلاقح الأفكار وتعايشها .. وذلك بعد أن افتتنوا بشعارات تحرر الفكر والحرية الفكرية والاعتقادية و التسامح الديني وحوار الحضارات والمقاربة بين الأديان وتفننوا بأطلاقها في مختلف المناسبات .. حتى وجدت مفكرا' مثل " روجيه جارودي " يدعو إلى جمع الديانات الكتابية أو " الإبراهيمية " - كما يروق له أن يسميها - في خليط ديني جديد وكتلة واحدة ..

..


وكان من أثر ذلك الفكر .. تجريد مفهومي " الخير و الشر " و فصلهما عن الوازع الديني و ضوابط المصلحة في الشرع .. و الاستعاضة عن التفسير الأصولي للنصوص بكلام عام حداثي لا أصل له ولا ضابط ..

ثم تكرار خطابات سياسية معينة وتسخير النصوص الشرعية لتدعيمها دون النظر إلى مقاصد تلك النصوص و في أي باب قد صنفت ..


و من هنا خرج من يؤلف في " اشتراكية الإسلام " أو في " ليبرالية الإسلام " أو في " الإسلام المعولم " أو في " تحرر المرأة في الإسلام " وغيرها من النظريات الغربية التي رددها هؤلاء بحرفيتها ثم طوعوا لها النصوص التشريعية وأهملوا ما تناقض من تلك النصوص مع هذه الدعوات ..

مستخدمين ذات أدوات الفهم التي اعتمدها من أطلق هذه الدعوات بداية من مستشرقين وثائرين وغيرهم .. متجاهلين تباين ظروف إطلاقها مع ظروف مجتمعاتنا ووضعها ..


و هم رغم ذلك يظهرون الاعتزاز بالإسلام والانتصار له ، والدفاع عنه و العودة إليه ..ولكن حسب رؤيتهم هم .. لا حسب ما يقتضيه النص الشرعي ..


ويمعن هؤلاء في لمز وذم ما يرونه تعصبا' وضيق أفق في فهم النصوص .. وأن التمسك بالفهم التقليدي لها هو جمود عقيم ونكسة للإسلام والمسلمين .. وكأن الذين دونوا هذا الفقه التقليدي كانوا بدعا' من الناس .. ولم يكونوا صفوة أهل العلم و الأدب والأخلاق والورع ..

..

تأمل - من فضلك - ذلك كله .. وقارن بينه وبين ما قاله فاروق الدملوجي في كتابه " هذا هو الإسلام " ممتدحا' المعتزلة القدماء وواصفا' لمنهجهم الفكري في البحث :

" والحقيقة أن رجال المعتزلة .. باستثناء المغالين منهم والمفرطين والمغرضين والضالين .. كانوا أحرارا' في آرائهم وفي تأويلاتهم .. فلم يقفوا عند حد .. ولم يردعهم قيد .. وحكموا العقل في جميع القضايا .. أولوا المنقولات كافة حسبما يقتضيه الزمن والحال .. فقالوا كلمتهم المشهورة : ( إذا تعارض النقل والعقل .. وجب التأويل لما يقتضيه العقل ) .. وكان جل مقصدهم تخليص الدين الإسلامي من التبلبل والفلسفة والمذاهب المتضاربة و المنتشرة في العالم الإسلامي .. وجعل الديانة الإسلامية أكثر صفاء و مرونة .. وأشد مراسا' وحجة لتتوافق مع المقولات في كل عصر وزمان .. و يهضمها الوجدان البشري .. ويستسيغها الذوق في كل وقت وأوان ... " ..

..

لكن .. بالمحصلة .. لا يمكن نعت المجددين من أصحاب هذا الفكر بالمعتزلة .. نظرا' لاختلافات جوهرية في العقيدة بينهم وبين المعتزلة القدماء ..

لكنهم بقصد أو عن جهل منهم .. يحاولون تجديد الفكر الاعتزالي وتكريسه في عقول الناشئة .. عن طريق تهويل شأن العقل ووجوب تحرره من المذهبية وطرق استدلالها .. وتسخيف الأحكام التفصيلية للواجبات الشرعية .. التي أخذت تتحول - بإملائهم - إلى ميثولوجيات وطقوس عرفية وشعائر معرقلة عن مواكبة ركب الحضارة ..

____


أعتذر عن الأخطاء الفنية ذلك لأني أتواصل معكم عبر الجوال بسبب ظروف تعتيرية لا يجدر ذكرها في هذا المقام ..

وفي حال الاستجابة لهذا الطرح سيكون للحديث صلة بإذن الله ..

أخوكم المتسكع .. ‏
28-2-2010    04:41
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
مسعود حمود

عضو مميز
عضو مميز


السلام عليكم ..

من بعد قراءة متسرعة ، وإلى أن أجد الوقت الكافي لإعادة القراءة ،أرجو أن تتقبل مني ما يلي:

- بقدر ما هو غير مستحب (الحوار من أجل الحوار) ، فإنه من غير المجدي - إن لم يكن ضاراً - أن يكون الحوار رهيناً لدوائر ضيقة ( محليّة - شخصية ...الخ) ،هذا فضلاً عن أن يكون رهيناً لحالات استقطاب وتبعية فكريتين.

- بقدر ما يتفق معك أغلب الناس في كثير من الأفكار التي سردت بخصوص (الاعتزال) ، فإنه من الواجب التنبيه إلى مكانة ( العقل ) و ارتباطه الوثيق بالشريعة -التي لا تكليف فيها لغير العاقل - والذي أنتج الفكر المناهض لمذهب المعتزلة والذي أنتج كذلك ما أوردته أخي حنظلة آنفاً.

إلى لقاء قريب ، إن شاء الله .



----------------------------------
مدونتي


تم تعديل هذه المشاركة بتاريخ 28-2-2010 الساعة 06:40 من قبل: مسعود حمود
28-2-2010    06:39
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
رمزي



مَن يا تـُرى يَعني المُذيعْ؟!

----------------------------------
الحوار لغة القوة ,. ومن الشر أن نجعل القوة هي لغة الحوار
28-2-2010    19:56
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
حنظلة القاري

عضو مميز
عضو مميز


‏تحياتي للغالي مسعود ..


ارتقب عودتك وأقدر لك هذا التلقي الجيد للطرح .. وأتفق معك بشأن عدم جدوى الحوار المرهون بالدوائر سواء اتسعت أم ضاقت سواء كانت محلية أو عالمية أو مريخية .. لأنه حوار مبني أساسا' على الالتواء واللف والدوران واستحالة مسكه من طرف أو معرفة بدايته من نهايته ..

فالحوار السليم يبنى على نقاط مفصلية واضحة المعالم لا على دوائر ولا مربعات .. ولولا أن يكون هذا الموضوع عن الاعتزال لأسهبت في إثبات أن الاتفاق على النقطة هو غاية الحوار الإنساني السليم .. و هو أساس كل شيء ..

لكنني أختلف معك في ضرر التبعية الفكرية على الحوار .. بل على العكس إن التبعية الفكرية هي التي تحدد مجرى الحوار و نقطة انطلاقه ..

تخيل مثلا' أن يقوم مسلم بحوار مع شيوعي ليثبت له اشتراط الطهارة للصلاة .. !

فهو إن لم يعرف الفكر الذي يعتنقه من يحاوره فلن يقدر على إيجاد نقطة التقاء ينطلق منها معه ..

وكيف يكون للحوار أساس أو ضابط إن لم يكن هنالك تبعيات ومنطلقات فكرية توجهه ..


أما بشأن مكانة العقل في الشرع فهي جليلة ومحفوظة وجاهل من ينكرها .. وهي مرهونة بعدم الإفراط أو التفريط .. فيبقى العقل خادما' للنص لا معطلا' له .. وهكذا وجد الراسخون في العلم أنه ليس كل عقل بشري باستطاعته التعامل مع النص وتفسيره ولا بد من درجة بالغة من العلم والاطلاع اللغوي و الشرعي ثم الانضباط بضوابط
يقتضيها المنطق السليم وفقه اللغة وهي أصول الاستنباط .


______

وصباح الورد لرمزي ولمروره الرمزي ..

ألم تعلم أن المذيع مبحوح الصوت والإذاعة مسلوبة التردد والمستمعون نائمون .. و جلهم من الصم الذين .. ملؤوا آذانهم قطنا و طين ؟!

..

لعل المذيع كان يقصد ديفيد كانولكا .. الشاعر الإسباني الشهير حد الأسطورة .. والذي أحتقره حد العدم !

..

‏<‏ أيقونة وجه صوته مبحوح > .
1-3-2010    02:57
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
مسعود حمود

عضو مميز
عضو مميز



أسعد الله صباحكما ..

- بخصوص التبعية ، فإن ما تقوله أخي حنظلة صحيح ، إلا أنني كنت أقصد التبعية بمفهومها السلبي أو ما يسميه البعض ( التبعية العمياء ) ،وهي كما لا يخفى عليك من أهم آفات الفكر.

- بخصوص الدوائر ، فلقد كانت غايةً في نفسي أن أخرج الحوار من نفس الدائرة التي يوحي بها سؤال الأستاذ الغالي رمزي ، والتي أحطنا بها أنفسنا منذ زمن رغم ضيق قطرها وسماكة محيطها.

أخيراً وقبل أن تنتهي فرصتي الصباحية لممارسة طقوس الإنسانية ،فإنني أرجو أن نبقي الحوار على خط مستقيم ،فنبدأ بطرح الأفكار نقطة نقطة قبل أن يتفرع الخط ويتيه في غياهب الاستطراد .

وأقترح أن نبدأ بتوضيح مفهوم ( الاعتزال ) وتطوره من مجرد خلاف فقهي حول مسألة محددة بين عالِمَين إلى منهج فكري قائم بذاته له مريدوه ومنظروه وأتباعه، ثم عن مسألة انقراضه أو عدمها بأسلوب بعيد عن مجرد السرد التاريخي ، قريب من توضيح أسباب نشأته ونتائجها،ومدى التقارب بين ظروف تلك النشأة وبين ظروف حياتنا اليوم.

( ملاحظتان:
- بخصوص البحة ، فعليك أخي بالزنجبيل مغلياً مع الحليب .
- اشتقنا لعودة رمزي )



----------------------------------
مدونتي
1-3-2010    06:56
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
النورس

عضو مميز
عضو مميز



أسعد الله صباحكم..

http://www.islamweb.net/ver2/archive/readArt.php?id=66724

بدون دوائر وبدون لف ودوران وبشكل مستقيم ومع كاسة متة بالحليب والزنجبيل


..


----------------------------------
أن تضيء شمعة صغيرة خير لك من أن تنفق عمرك تلعن الظلام
1-3-2010    07:31
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
حنظلة القاري

عضو مميز
عضو مميز




أشكر النورس لإيراده المقالة السابقة التي جاوبت على معظم سؤالات الأخ مسعود بإسلوب منهجي أغنانا عن ذكر كثير من التفاصيل وأعطانا مرجع يمكن أن نؤسس عليه حوارنا هنا ..



وإنه لدراسة نشوء الفكر الاعتزالي لابد من التعرض للعصر التاريخي الذي وافق نشأته والظروف السياسية والاجتماعية والفكرية لذلك العصر ..

فقد انحصرت فترة نشأة المعتزلة ثم انقضائهم بين ثلاثينات القرن الثاني للهجرة و تولى المتوكل العباسي للخلافة الذي بويع سنة  هجري .. أي زهاء قرن من الزمن تجلى فيه العصر الذهبي للخلافة العباسية باتساع رقعة الدولة الإسلامية ودخول شعوب وأمم كثيرة إلى الإسلام مدخلة معها ثقافات مختلفة وأعراف شجع .. ثم اهتمام الخلفاء بالعلم وتشجيعهم على ترجمة العلوم بما فيها علم الفلسفة الذي أسر الألباب فكثر المشتغلين به والمتولعين بسحره حتى عظموه و قدسوه وارتؤوا أنه يتناسب وقداسة القرآن الكريم فيجدر أن تفسر آياته على ضوء من هذا العلم فظهرت المذاهب الكلامية التي كان أجلاها وأخلصها للعقل مذهب المعتزلة ..



أما السبب الفقهي لنشوء الاعتزال فهو الخلاف بين الحسن البصري وتلميذه واصل بن عطاء حول حكم مرتكب الكبائر هل هو مؤمن أم كافر فقال الحسن : هو مؤمن فاسق ، وقال واصل : بل هو في منزلة بين المنزلتين فإن تاب عاد له إيمانه وإن مات ولم يتب مات على الكفر .. فاعتزل مجلس الحسن و سمي أتباعه معتزلة لمقالة الحسن الشهيرة : اعتزلنا واصل ..



الجدير بالذكر أن واصلا' ومن بعده من أئمة المعتزلة كانوا ممن يشار إليهم بالبنان وكان كلا' منهم جبلا' من العلم فاشتهروا بالنبوغ الفكري والأدبي , فإمامهم واصل كان من بلغاء العرب كان ألثغا' بحرف الراء فكان يتحاشى نطقه في كل كلامه .. وله الخطبة العصماء الشهيرة بالجرداء لخلوها من حرف الراء بالرغم من ارتجالها أمام الخليفة وقيمتها ليست بتجردها عن الراء فقط بل لحملها قيمة وعظية عظيمة البلاغة والمعاني رشحتها أن تكون من عيون الأدب العربي ..


ومنهم الجاحظ الغني عن التعريف بقيمة مؤلفاته العلمية و الأدبية .. وغيره من فطاحل العلم والبلاغة والنباهة ..


وكان جلهم من النساك والوعاظ والزهاد الذين يحملون صفاء سريرة وغيرة على الدين ..


ولهذا كان لهم تأثير كبير وشعبية واسعة على الرغم من أن الناس كانوا في عهد علم جم حيث كان صغير القوم وخادمهم علماء ..



وكانت ذروة انتشار فكر المعتزلة في عهد الخليفة المأمون أوسع خلفاء بني العباس علما' وأكثرهم شغلا' في النهضة العلمية حيث أقام في "بيت الحكمة" مجمعا' علميا' لترجمة العلوم ومناقشتها ودراستها ونقدها .. وتولع المأمون في المنطق والفلسفة فسمح لأولئك الذين يعتمدون العقل والمنطق في كل شيء بالتعبير عن آرائهم ومعتقداتهم و نشر مبادئهم من غير أن يتقيدوا بقيد أو يقفوا عند حد .. كما أنه قال بخلق القرآن الذي قالت به المعتزلة فداراه جملة من العلماء في ذلك خشية نقمته ..


ومن هنا أصبح فكر المعتزلة المذهب المقدم في الدولة من عهد المأمون وحتى أواخر عهد الواثق بالله .. فأدى ذلك إلى انتشاره الواسع بين عامة الناس ودهمائهم .. وبالمقابل كان إمام زمانه في الفقه والحديث الإمام أحمد بن حنبل يعاني من السجن والتعذيب ثم الحصار والعزلة الجبرية ..


كل تلك الأسباب كان مكرسة لاشتغال جملة من مفكري ذلك العصر وعلمائه بالاعتزال و تأصيلهم له و تأليفهم فيه وظهور دعواهم على غيرهم من المذاهب والفرق ..


يتبع .. في الحديث عن منهج المعتزلة في التعامل مع النص القرآني وفي سبب انتهاء دعوتهم .. هذا إذا لم هنالك إشكال حول ما ذكر سابقا' ..


وإنه لصباح الزنجبيل ..
2-3-2010    04:23
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
حنظلة القاري

عضو مميز
عضو مميز




أعتذر عن "قرطي" لبعض الأحرف والكلمات وعدم قدرتي لتعديل ذلك وذلك لأني ما زلت أسيرا' لشابكة الجوال .. لا ورطكم الله باستخدامها
2-3-2010    04:38
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
حنظلة القاري

عضو مميز
عضو مميز
منهج المعتزلة في التعامل مع النصوص



بنى المعتزلة عقيدتهم على خمسة أصول : (التوحيد _ العدل _ المنزلة بين المنزلتين _ الوعد والوعيد _ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) التي أسسوها بناء على العقل المجرد عن النصوص ..

ولكن كان لا بد من استنادهم إلى أدلة من القرآن الكريم لتدعيم أصولهم وتقويتها حتى تلاقي قبولا' بين المسلمين .. فإن وافقت بعض النصوص أصولهم فذلك كان عرضا' وليس مقصودا' ، فهم بنوها من العقل ثم رجعوا إلى النصوص واختاروا ما يوافقه منها .. وبقي ما لم يوافقه - وهو كثير - عقبة كؤودا' في طريقهم .. فاستنفروا لذلك علومهم ومعارفهم ومقدراتهم الكلامية من أجل إخضاع النصوص لآرائهم وإبطال جميع التفاسير المغايرة حتى وإن كانت واردة في سنة صحيحة ..

بل راحوا يكذبون الأحاديث الصحيحة والمتفق على صحتها إذا تعارضت مع آرائهم .. ويجرحون في عدالة رواتها ليس التابعي ولا تابعي التابعي بل الصحابي .. بينما يستشهدون بالأحاديث الضعيفة بل والموضوعة ويعضون عليها بالنواجذ إن وافقت آرائهم .. ولو أنهم كانوا يعملون العقل المجرد حقا' لأدركوا ركاكة أسلوب الحديث الموضوع وضعف معناه ما يبعده عن البلاغة النبوية .. لكن نصرة مذهبهم أعمتهم عن ذلك ..


وكان من أصول منهجهم إعمال العقل والتأويل المطلق في الأمور الغيبية فنفى بعضهم وجود الجن وتأولوا أدلة المس والسحر وردوا معظمها .. وأنكروا عذاب القبر والصراط والميزان والشفاعة ..


وبالمجمل فقد خالفوا إجماع السلف على أن دور العقل أو الاجتهاد يأتي في المرتبة الثالثة بعد القرآن والسنة .. بل وضعوه في قمة مصادر التشريع وأسهبوا وأطنبوا في تمجيده .. ما جذب الكثير من نقاد ومفكري الغرب لهم فراحوا يكيلون لهم بالثناء والإكبار ..

فأطلق عليهم شتينر " المفكرون الأحرار في الأسلام " وألف كتابا' عنهم عنونه بذلك .. وأثنى لهم جولد زيهر فقال : " وسعوا معين المعرفة الدينية بأن أدخلوا فيها عنصرا' مهما' آخر قيما' وهو العقل الذي كان حتى ذلك الحين مبعدا' بشدة عن هذه الناحية " ..

انظر كيف يطمس هذا الكاتب الحقائق منكرا' الواقع الذي يثبت اجتهاد الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين .. وما أثبتته كتب السنة والسيرة والفقه والخلاف من اجتهادات معولة على العقل .. وقيام مدرسة الرأي التي تزعمها كبار الصحابة كالفاروق عمر وعبد الله بن مسعود ..


ومع ذلك فالمعتزلة رغم مجافاتهم لكثير من الأحاديث وتعسفهم في تأويل الآيات .. فإنهم يدعون تمسكهم بالسنة والجماعة .. ويتهمون مناوئيهم بأنهم لا يعرفون السنة الحقيقة .. وألا ما أشبه الليلة بالبارحة .. !


يتبع ..
3-3-2010    23:48
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
حنظلة القاري

عضو مميز
عضو مميز



تتمة :


وبالعودة إلى التطور التاريخي للفرقة وفقا' للمنهج الذي وضعه المهندس مسعود .. نجده على أربعة أدوار :

أ- نشأة الفرقة وتطورها في العصر الأموي :

حيث برز أوائل مفكري وأشياخ المدرسة العقلية كالجهمية والقدرية .. وكان لهم دور في الخروج على الدولة مما أثار نقمة الخلفاء عليهم وعلى أتباعهم .. ثم قال واصل بن عطاء مقالته في المنزلة بين المنزلتين واعتزل مجلس الحسن البصري وأظهر القول بالقدر ونفي الصفات متابعا' قول الجهم بن صفوان ومعبد الجهني ، وتابعه بذلك عمرو بن عبيد ..

و في أواخر عهد الأمويين كان للمعتزلة دور في سياسة الدولة ما ساعد في نشر دعواهم ، فقد اعتنق يزيد بن الوليد مقالتهم في القدر ، وساعدوه في الظفر بالخلافة وقتل الوليد بن يزيد الخليفة الذي سبقه .. كما أن مروان بن محمد آخر خلفاء بني أمية كان يلقب بمروان الجعدي نسبة إلى الجعد بن درهم الذي رباه وأدبه والذي كان يقول بالقدر وخلق القرآن ..

ولكن كان لواصل بن عطاء الفضل الكبير في نشر دعوى المعتزلة حيث أرسل دعاته في الأمصار .. وانتشرت تلك الدعوى في قصور الخلفاء وبين الأدباء والشعراء لما فيها من القيمة الفلسفية والكلامية ..

وبقي العوام في منأى عنها بسبب حماية أئمة السنة لهم و الذين كانوا أكثر عددا' وأقوى حجة وأظهر مقالا' ..



ب- في العصر العباسي :


كان عهد العباسيين عصر ازدهار المعتزلة وعنفوانها .. وعاش فيه معظم أئمتهم .. وكان عمرو بن عبيد صاحب واصل بن عطاء على صلة بأبي جعفر المنصور ..

لكن في عهد الرشيد لقي المعتزلة متاعب كثيرة نظرا' لكراهيته لمبادئهم ، فقد نهى عن كلامهم وأمر بحبس المتكلمين ..

ثم لما تولى المأمون اعتنق مذهبهم وجمع أئمتهم حوله .. وكان منه ومن المعتصم والواثق من تفضيل لمذهب الاعتزال وامتحان أهل السنة فيه .. وسبب ذلك قد ذكرته في مشاركة سابقة ..


ج - المعتزلة بعد المتوكل :


لما تولى المتوكل أظهر الولاء للسنة وأبطل الكلام في قضية خلق القرآن ومنع التكلم بمسائل المعتزلة .. وأكرم إمام السنة أحمد بن حنبل ، وانتهت الفترة التي هيمن المعتزلة فيها على السلطة وحاولوا فرض عقيدتهم بالقوة والإرهاب ..


د- في عهد بني بويه :


بعد أن استلم البويهيين شؤون الدولة العباسية .. حظي المعتزلة بانتعاش ونشاط من نمط جديد .. فقد كان بني بويه على عقيدة التشيع ،

وكان هناك ارتباط وأثر متبادل بين الشيعة والمعتزلة على مدى تاريخها .. فالمأمون كان معتزليا' وكان فيه شيء من التشيع .. وكان قد أوعز إليه ثمامة الشاعر المعتزلي بلعن معاوية على المنابر .. كذلك فقد ذكر الشهرستاني أن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب قد تتلمذ على يد واصل بن عطاء رأس المعتزلة وصار أصحابه كلهم معتزلة ..

وتجلى الارتباط بين الشيعة والمعتزلة بأجلى صوره في هذا العهد ، حيث عين القاضي عبد الجبار وهو إمام المعتزلة في زمانه .. عين قاضيا' للقضاء لدولة بني بويه .


فارتفع شأن المعتزلة في عهد الدولة البويهية الشيعية .. إلى درجة تماهي مذهبهم مع عقيدة الشيعة الذين تأثروا بالفكر الاعتزالي و هضموه و نقلوه .. وكذلك تبنى المعتزلة التشيع ليضمنوا الحماية السياسية لفكرهم .. فذابت المعتزلة بالشيعة وانتهت المعتزلة كفرقة منذ ذلك الوقت ..

..‏ ‏

وأما التطور الفكري للمعتزلة فله تفاصيل كثيرة قد لا تفيد موضوعنا هذا .. وسوف أعرض عن ذكره مبدئيا' .. ليكون ما أوردته سابقا' تمهيدا' لدراسة المدرسة العقلية الحديثة والاطلاع على شتى تفاصيلها و إحداثياتها .. ثم تبيان تأثيرها على أفكارنا وقناعاتنا .. وذلك فيما يتعلق بفهم النصوص الشرعية من قرآن وسنة ..


4-3-2010    00:43
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
أبو بسام

كثرالله خيركم على هذه المعلومات

----------------------------------
كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام
5-3-2010    09:55
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
حنظلة القاري

عضو مميز
عضو مميز




العفو منك أخي أبا بسام .. وعلى الرحب والسعة ..

----


قبل أن أفتح ملف المجددين في الفكر الاعتزالي .. أود أن أوضح إشكالا' مفصليا' أثاره أولئك المجددون و بعض المستشرقين قبلهم كطعن في منهج الفقه التقليدي كما يطيب لهم أن يسموه .. ومفاده : أن اغتيال فكر المعتزلة من قبل أهل السنة و اجتناب طريقتهم في فهم النصوص كان نكسة عظيمة في التاريخ الإسلامي سببها أن أهل السنة والجماعة كانوا يقفون بالمرصاد لمحاولات إعمال العقل في مجال الطبيعة والتفكير بحرية وانطلاق ، ذلك ما أدى بزعمهم إلى تقهقر المسلمين وتخلفهم عن ركب الحضارة ..

بمعنى آخر .. إن تخلف المسلمين في الحقبة الأخيرة كان بسبب القضاء على الفكر الاعتزالي المجدد في العقيدة والأصول .. والمنفتح على شتى العلوم .. !!


وهذا الطرح غير صحيح وغير دقيق ، ويكذبه الواقع والنظرية .. وهو النسخة الملطفة لإدراك الأوربيين أن التحرر من ربقة الكنيسة والانطلاق إلى فسحة اللادينية هو الخطوة الأولى في طريق التقدم العلمي والحضاري ..

والرد عليه يكون كالتالي ..:

أ- إن حركة الازدهار العلمي في الدولة الإسلامية بدأت قبل نشوء فكر المعتزلة وظلت مستمرة إلى ما بعد انقضاء المعتزلة كفرقة ..

ب- وإن رد علماء السنة على المعتزلة تركز على عقيدتهم الفاسدة وتقولاتهم في ذات الله وصفاته .. بينما لم يتعرضوا لمن اشتغل في العلوم التجريبية والطبيعية ..فلم يتعرض أحد ل " قانون " ابن سينا ولا ل " بصريات " ابن الهيثم ولا ل " جبر " الخوارزمي مثلا' .... بل على العكس من ذلك كان جل من اشتغل بهذه العلوم من الرجال الموسوعيين والذي هضموا علوم القرآن والسنة قبل اشتغالهم بالعلم المادي ..

وحتى حين رد أهل السنة على الفلاسفة وهاجموهم .. فإنهم هاجموا الجانب الميتافيزيقي من فلسفاتهم وما فيه من تقول في العلوم الإلهية وفي ذات الله .. بينما تجد مثلا' أن الإمام أبا الحسن الأشعري رغم أنه كان من أشد الرادين على المعتزلة والمناظرين لهم .. فإنه استخدم هو ومن سار على نهجه أسلوب الاستدلال الأرسطي وطوعوه لخدمة شتى المسائل الأصولية وإثباتها دون أن يبتدعوا في تلك الأصول أو يفسد ذلك من عقيدتهم ..


ج - إذا افترضنا صحة فرضية أولئك في أن الفكر الاعتزالي هو سبب نهضة الأمة العلمية سابقا' .. فما شأن حضارة الأندلس العظيمة إذن .. وهي التي لم تعرف المعتزلة إلا على مستوى ضيق و محاصر ..

د- كما أن انتهاء المعتزلة كفرقة سابقا' كان بصورة طبيعة .. ففكرها تابع في انحرافه حتى التقى في نهاية المطاف بالتشيع .. ولم يتم القضاء عليه واغتياله كما زعم أولئك ..


وإن التوصيف الحقيقي لعلاقة المعتزلة بالنهضة العلمية ، هو أن تلك الفرقة كانت نتيجة عرضية لهذه النهضة وليست سببا' لها ..

لكن ... يظل السؤال الأهم والأخطر مفتوحا' ويحتمل شتى الإجابات البسيطة والمعقدة .. وهو:

ما سبب تخلف المسلمين إذن !!!


تحية صباحية من أخيكم المتسكع .. ولا زلنا نلاحق الكذاب إلى وراء شتى الأبواب ..‏
6-3-2010    02:10
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
الجلمود

عضو مميز
عضو مميز


تحية صباحية قبل حلول الظلام اليك أنت ومنك انت:

لطالما كانت أفكارك ذات طبيعة ابداعية خلوقة ولطالما أنها استدرجتني كما استدرجت الكثير من قبلي فلم يكن بوسعي الا ان أتابعها نقطة بنقطة ورغم قلة خبرتي في هذه الأفكار المنطقية إلا أنني وجدت أن لا ضير إذا أدمجت بعض الكلمات التي لا تسمن ولاتغني لك من جوع

واذا أردتُ الكلام بعيدا عن فلسفة الواقع أو عن تضاريس الحقيقة التي تنتشي بأنواع اللف والدوران والمنحنيات اللاطبيعية

حتى توصلِ أصحاب العقول البسيطة أو اللامتدارِكة الى عالم الضياع فلن يسعني إلا أن أقول:

اذا أردنا أن نبحث عن الحل أو الجواب الصحيح لمشكلة تخلف المسلمين وتدهورهم

فهل بإمكاننا أن نساعد بعضنا حتى نصل إلى السبيل الصحيح

كأن نقوم بحركة التفاف حول أنفسنا

وسأفسرُ كلامي السابق بهذا المثال
(لو أتينا بحبل بطول معين وصنعنا عقدةً في وسطه فهل تعرف ما هي الطريقة الأسهل لفك العقدة

وذلك يدعوني إلى السؤال بشكل آخر كأن نقول كيف تتم عملية فك العقدة

هل يتضح الأمر اذا أجبتُ كالتالي:

إن فكّ العقدة هو عبارة عن عملية عكس لربطها

أي نقوم بعمل عقدة أخرى بطريقة عكسية

ويبدو أنني عقدت ُ المسألة

فهل في هذا الطريق حل لمشاكلنا؟؟؟؟؟؟؟


واعذر قلة خبرتي لكنها مجرد أفكار منعزلة

مع تحياتلي بديعك العظيم

----------------------------------
http://albesher.nserat.com/vb/forum.php
6-3-2010    16:47
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
خير انشالله

عضو مميز
عضو مميز


السلام عليكم

تحياتي للجميع..

لم أقرأ الحوار كاملاً.. لأنني لم أنوِ الحوار بعد..

لكن.. هناك ملاحظة....


مسعود.. عايش..

رمزي.. يتنفس..

و أنا.. لسا ما مت...


و ثلاثة نفر تكفي لتشكيل شي معتزلة...



آسف للمقاطعة.. وتحياتي لحنظلة

----------------------------------
انشالله خير.....
7-3-2010    00:38
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
حنظلة القاري

عضو مميز
عضو مميز


‏نشأة المدرسة العقلية الحديثة .. :


انتهت المعتزلة كفرقة ولم تنته حركة التقدم العلمي والحضاري بكل المجالات في البلاد الإسلامية ..

وبينما كانت الأمة في أوج ذلك الإزدهار .. كانت أوربا ترزح في ظلمات الجهل تحت سيطرة الكنيسة وقمعها لأي حراك علمي يطفو على السطح خارج أسوارها .. وقد كانت محاكم التفتيش وآلات الإعدام والحرق بالمرصاد لكل من يجرؤ على مخالفة حظر الكنيسة للبحث في أمور الطبيعة والفلك وغيرها .. وذلك حتى لا تضيع هيبتها وهيمنتها على الجميع ..


ثم كان أن أعلن البابا الحملة المقدسة على الشرق والتي واصلت الزحف حتى سيطرت على بيت المقدس وذلك بسبب تفكك الأمة وعدم وجود جبهة إسلامية واحدة تقف في وجهها ..


ثم تتالت حملات الصليبيين على العالم الإسلامي .. وكان من نتائجها أن نقلت الحضارة الإسلامية إلى بلادهم .. فأكب الأوربيون على الكتب العلمية التي أخذوها من المشرق يدرسونها ويطورونها ويجربون فيها رغم استمرار اضطهاد الكنيسة لهم .. حيث أحرقت وأعدمت الكثير من العلماء الذين لم يمنعهم ذلك من الظهور بمظهر الاستشهاديين دفاعا' عن أفكارهم وعلمهم .. هذا ما أتاح فرصة لدعاة التحرر الفكري إلى تأليب الناس ضد الكنيسة .. وحصل نزاع كبير أفضى في النهاية إلى هدم الكنيسة وحصر سلطات البابا في طقوس التعميد والصلاة والزواج والجنائز .. وراح العلم ينمو ويزدهر في أوروبا .. بينما كان ينكمش ويضمر في العالم الإسلامي .. وذلك لما عاناه من نكبات وحروب عنيفة وطويلة المدى وإسقاط الخلافة العباسية على يد المغول وقتلهم للعلماء وإتلافهم للكتب العلمية ورمي مكتبة بغداد العظيمة في نهر دجلة .. وقد أدى ذلك إلى ضعف العالم الإسلامي وانتقال زمام الحضارة إلى أوروبا ..

ثم جاءت فترة أخلد فيها المسلمون إلى الدعة والخمول .. ذلك ما أطمع الأمم بهم فتداعت عليهم كما تتداعى الأكلة على القصعة .. فامتصوا سائر ذخيرتهم الحضاري وصار العالم الإسلامي خاويا' من الروح الفكرية والعلمية .. خاويا' فارغا' كغثاء السيل .. ثم بسط الأوروبيون نفوذهم على البلاد الإسلامية واستغلوا ثرواتها ونهبوا خيراتها ..


واستيقظ العالم الإسلامي على طائرات وأسلحة الأوربيين المدججة وهدير مصانعهم .. فانبهر من هذه الحضارة العظيمة وتساءل عن أسبابها ....

وكان الجواب معد مسبقا' .. فقد أوهم الاستعمار الناس أن حالتهم تشبه حالة أوروبا في العصور الوسطى .. وأن أمرهم لن ينهض إلا بما نهضت به أوروبا من فصل السلطة المدنية عن السلطة الدينية .. وجهد المستعمرون لنشر التغريب واللادينية .. فأقصوا أصحاب الثقافات الدينية عن ميادين الإصلاح الاجتماعي خارج المساجد .. وسلموا الوظائف وإدارات التوجيه والتعليم إلى المتشبعين بالثقافة الأوروبية بعد أن نشؤوا في أحضانها ..


فهال علماء المسلمين ذلك وذهبوا للرد عليه في مذاهب شتى ..


وحاولت فئة منهم التوفيق بين العلم والدين .. أو بالأحرى سعت إلى إخراج الدين الإسلامي بصورة يرضى عنها الفكر الغربي وفقا' لرؤيته طبعا' ..


وراح أولئك الفئة يبينون للناس أن الإسلام هو دين العلم والحرية والعقل .. ويفهمونهم أن الدين الإسلامي مبني على العقل المجرد - الذي لا يقر الفكر الغربي بغيره حكما' -

وكان لرجال هذه المدرسة العقلية دور في مكافحة الاستعمار ومقاومة الهجوم على الدين وإلقاء التبعة عليه في التخلف الحضاري ..


وسميت تلك النهضة بالنهضة الإصلاحية .. وقد أخطأ أربابها في مبالغتهم بتحكيم العقل في كل أمور الدين حتى جاوزوا الحق والصواب .. فقد اجتمع شعار مفكري هذه المدرسة على التطوير أو العصرانية وما تعنيه من تعديل في أصول الدين وفروعه .. تبعا' للمناهج الأوروبية الحديثة .. ويشمل ذلك التطوير أصول الفقه والحديث والتفسير وشتى المسائل الفقهية كحجاب المرأة والزواج والطلاق والحدود ..

وأبرز رجال هذه المدرسة السير أحمد خان الهندي .. وجمال الدين الأفغاني وتلميذه الشيخ محمد عبده ومن نشأ في مدرستهما كمحمد رشيد رضا ومصطفى المراغي وقاسم أمين ورفاعة الطهطاوي وطه حسين وغيرهم ..



يتبع بإذن الله في الحديث عن نماذج من منهج هؤلاء وأفكارهم .. متمنيا' أن يظل صدركم متسعا' لتحمل هذا الإسهاب والسرد الذي طال وامتد .. وراجيا' منكم الإخلاص في القراءة الذي يستوجب النقد منكم في حال في وجود خلل أو غموض ..
7-3-2010    03:41
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
حنظلة القاري

عضو مميز
عضو مميز



‏أهلا' بالحبيب الجلمود .. أءنت هنا يا رجل .. أم أن الليالي صرفتك عنا فلسنا نرى الآن إلا خيالك ؟!


أقدر لك مشاعرك اللطيفة .. وأخبرك أن موضوعي هذا ليس إبداعيا' ولا هم يحزنون .. بل إنه طرح تكرر في أكثر من موضع وبغير أسلوب .. إلا أنه لحساسيته تجاه بعض العقول المتورمة .. تجده يعاني من التهميش والإصغار .. وقد رأيت أن أبحث فيه بكل تفاصيله .. لما أحسست أن الانتباج غزا رأسي أيضا' .. فجاء هذا الموضوع لتنفيس بعض الجيوب الهوائية العالقة بأذهاننا جميعا' ..

فإذا خرجت من هذا الطرح بإزالة ما علق في ذهني على الأقل فقد حظيت بصيد عظيم ..
..

وإن الحل التجريدي الذي اقترحته أخي العزيز على الرغم من جودته وبساطته فأنه يستبق الأحداث ويتخطاها .. فالسؤال كان عن سبب تخلف المسلمين .. وما زال بيننا وبين سؤال - ما هو الحل - فاصل شاسع من فهم إحداثيات العقدة أولا' ..

..

وأصبح أيضا' علي ظل - خير انشالله - الذي مر من هذه السكة .. ويبدو أن اعتزالك مع رمزي ومسعود حاصل بأمر الواقع لا باتفاقكم .. - أقصد الاعتزال عن الكتابة - .. وإن كان هناك بعض الاستثناءات والتسللات الخفية التي تطمحون من خلالها لتسجيل أهداف مواربة من أجل إحقاق عدالاتكم الفكرية في هذا الموقع العتيد ..

على كل .. أنا يا سيدي لن أعتزل .. في هذه الفترة على الأقل .. فليس في كل وقت يتوفر للمرء مسرح هادئ يغني فيه على ليلاه .. و يفرد ورشته بكل أريحية وتؤدة ..


في حال عدت أخي الكريم ونويت القراءة فاخشع في قراءتك .. وفند ولا ترحم .. وسأكون لك من المحبين الشاكرين ..

والمحبة موصولة بالجميع ..
7-3-2010    04:02
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
النحْوي

عضو مميز
عضو مميز


ملحوظة سريعة

Non-existent blog
The blog you were looking for, http://kheirinshallah.blog.com/ doesn't exist.


أرجو التفسير من خيرانشالله , مع الشكر و التقدير

----------------------------------
Qarahmedia on Facebook
7-3-2010    11:14
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
jassas

عضو مميز
عضو مميز


أخي الكريم حنظلة

شكراً لك على هذا الإسهاب الجميل .

وعلى ما يبدو أنك حَمَّلتَ الإستعمار كامل التخلف الذي غَرِقنا به ونَسيتنا نحن ؟؟

نحن من نام على الضيم والهوان وأعجبته القيود التي وضعت ليست بيديه وقدميه بل على دماغه فأصبحنا لا نرى أبعد من تلك القيود ، وإذا ما فكرنا أصابتنا الشقيقة ( صداع نصفي بالرأس ) .

أعمينا عيوننا عن الحقيقة وأصبحنا نهوى البحث في الظلام .

أصبحنا نقول ما نريده بغض النظر عن كونه خطأ أو صحيح المهم أن نتكلم ، حتى أننا لا نفكر فيما نقرأ أونكتب أو نقول .

إننا ياعزيزي نعيش مع الخرافات والأوهام ونعض النواجد عليها ، ونبتعد كل البعد عن التفكير السليم والعلم القويم .

لقد إعتزلنا الحياة حتى لا نُشغل تفكيرنا ليس بها بل وبكل شيء يُفيد الإنسان .

لقد إبتعدنا كثيراً ......................... ونحن السبب !!!!!!!!!!





----------------------------------
.....الحياة.... كلمة....


تم تعديل هذه المشاركة بتاريخ 7-3-2010 الساعة 11:59 من قبل: JASSAS
7-3-2010    11:16
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
حنظلة القاري

عضو مميز
عضو مميز


‏تحياتي للأمير جساس .. وشكرا' لتفاعلك الطيب ..

إن كنت قد سردت شيئا' من أسباب تخلف المسلمين الخارجية فهو في معرض حديثي عن الاعتزال الفكري وتمهيدا' للحديث عن المدرسة العقلية الجديدة .. ولم أذكرها على سبيل الحصر ..


وأنا أتفق معك فيما ذكرت ووصفت من حالنا وحال الأمة .. غير أنني أسمي ذلك وأوصفه على أنه عرض من أعراض التخلف وليس سببا' مباشرا' له ..

فإن لكل مرض سبب وعرض .. وأصل السبب على الغالب خارجي ..

خذ مثلا' فريضة الزكاة .. فهي نتاج شرع إسلامي بامتياز وجاء بها على وجه الوجوب .. محمية بمؤيدات جزائية دنيوية ينفذها السلطان دون أن يكون له حق التفريط بجبايتها أو المساومة عليها ..


لكنها في ظل الأنظمة العلمانية المستمدة من قوانين الغرب .. غير موجودة أصلا' وغير مقر بها .. وإن إقرارها كضريبة واجبة الأداء يستوجب وجود مؤسسة تشريعية تنظم لها نظاما' ماليا' لتحديد مبالغ القبض والإنفاق ونظاما' إداريا' للقيام عليها .. ووجود مؤسسة تنفيذية تقوم على جبايتها وتحصيلها ثم على توزيعها وصرفها لمستحقيها الشرعيين .. ووجود مؤسسة قضائية تراقب سلامة تنفيذ ذلك .. فإن تجردت الزكاة عن تلك المؤسسات ثم تهاون المدين في أدائها كان هذا التهاون عرضا' من أعراض فقد الزكاة لسلطة قانونية تتبناها وتنفذها ..


لا أنكر طبعا' أن لهذا التهاون سببا' آخر ذاتي المنشأ .. هو نقص إيمان ذلك الشخص وتخلخل عقيدته .. إلا أن هذا السبب لا يمكن ضبطه .. بمعنى أنه يتفاوت ويختلف من شخص لآخر ..

كما أن مستحق الزكاة لا يعوِّل على صحوة الضمير الإيماني للمدين بها .. وإنما يعوِّل على النظام القانوني الذي كفل له تحصيل حقه فيها .. وعدم وجود سلطة تتبنى ذلك النظام هو السبب في ضياع حق المستحق ..


وقس على ذلك سائر الأمور ..


فإن دعونا إلى النهضة رغم افتقادنا لمؤسسات تؤيد تلك الدعوة وتعضدنا في ذلك ..

كان علينا أن نلجأ إلى تصحيح عقيدة كل فرد من أفراد الأمة وإيمانه الحي .. وكان علينا إذا' أن نسعى لإزالة ما شاب تلك العقيدة من أفكار دخيلة خرافية كانت أم عقلانية ..


فيستوى عند ذلك من تعلَّق بخرزة زرقاء أو حدوة فرس لرد الحسد والعين .. مع من فسر الطير الأبابيل التي أرسلها الله على جيش أبرهة بأنها مرض الحصبة أو الجدري ..


فالأول خالف النص الشرعي في أن التمائم لا تضر ولا تنفع .. والثاني خالف عقل النص الشرعي في أن الله الذي خلق ناموس الكون قادر أن يخرقه بأمره ولو عجز العقل البشري عن إدراك آلية الإعجاز وكلاله عن معرفته ..


وإن صلاح أمر دنيانا قبل آخرتنا لن يكون بإيماننا بالأخلاق والسلوكيات المجردة التي ابتدعها الفلاسفة لأنها عبارة عن مثل ومبادئ لا ضابط لها ولا مؤيد .. ولن يكون باتباعنا للأنظمة والنظريات المادية المجردة لأنها وإن صنعت حضارة علمية تقنية عمرانية سلوكية .. فهي ناقصة في عوز لجوهر الحضارة الإنسانية ألا وهو الرسالة الروحية التي تحكم تلك المدنية وتضبطها دون أن تحول البشر إلى عبيد يدورون حول رحى المدنية بغير هوادة .. وسكارى يضيعون في متاهتها على غير هدى ..


ومن الواجب على كل مخلص للأمة أن يحاكم أي فكرة دخيلة ويضعها على محك العقل .. عقل الشرع لا عقل الكلام المجرد .. سواء جاءت تلك الفكرة رافعة لواء الخرافة والجهل .. أو كانت مؤتزرة بإزار التقدمية والحرية و الديمقراطية .. و المهلبية ... إلخ .


ولعلني بعد الفراغ من البحث في شأن الاعتزال الفكري .. أفتتح موضوعا' آخر عن أسباب تخلف المسلمين .. محاولا' دراسة ذلك تاريخيا' وفكريا' وسلوكيا' .. و مناقشة شتى الأفكار مع - أعضوات - الموقع ..

لك ولهم أرق تحياتي الصباحية ..



تم تعديل هذه المشاركة بتاريخ 9-3-2010 الساعة 13:29 من قبل: حنظلة القاري
9-3-2010    04:15
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
حنظلة القاري

عضو مميز
عضو مميز


‏السلام عليكم من جديد ..

سلك رجال المدرسة العقلانية الجديدة ذات المنهج الذي ادعته المعتزلة سابقا' .. واتخذوا من سبيل المدح لهم والثناء على "تحررهم" و "عقلانيتهم"! ذريعة إلى نشر آرائهم الفاسدة ، ..

وكانت دعواهم أن قالوا : ( ما لنا "نجمد" مع الجامدين من الفقهاء والأئمة والمحدثين من السلف ونلتزم طريقهم ولا نقتبس عن المعتزلة "المسلمين" مواقفهم"العقلية" "الثورية" "التحررية" التي تتناسب ومقتضيات عصرنا الراهن؟! )

بل إنهم تفوقوا على المعتزلة ذاتهم في تبني سائر الدعاوى المستجدة وما درج على ألسنة أهل العصر من قضايا سياسية واجتماعية وراحوا يلفقون لها الأدلة الشرعية ويفسرونها حسب لسان العصر لا حسب مقتضى النص وذلك لتأمين غطاء شرعي لمختلف مستجدات الفكر العصري الحديث ..

خاصة في ترديد ما دار ويدور في فلك منطلقات الثورة الفرنسية التي لا تزال دول العالم حتى الآن تتنطح بها - نظريا' - وهي : ( الحرية والمساواة والعدل) ..

فقد سرت عدوى "التحرر" و "العقلانية" وأمثالها إلى الوطن الإسلامي نتيجة الاختلاط بين الشرق والغرب في مطلع القرن الماضي عن طريق البعثات التعليمية وغيرها، فتأثر تلامذة البعثات بما وجدوه في أوربا ونقلوا ذلك في كتبهم – بقصد أو بدون قصد – فسماهم بعض المسلمين الطيبين ب"زعماء الإصلاح " و " رجال النهضة " .. وأطلق بعضهم على جمال الدين الأفغالي أحد أبرز مؤسسي هذا الفكر بأنه " باعث الشرق " .. باعث الشرق هذا كان رئيسا' لمحفل الشرق الماسوني .. وقد نقل أحمد أمين في كتابه (زعماء الإصلاح) عن الأفغاني قوله: "أول ما شوقني للعمل في بناية الأحرار عنوان كبير خطير (حرية – مساواة – إخاء) وإن غرضها منفعة الإنسان"!!

وكان قد أسس هو وتلميذه الشيخ محمد عبده مدرسة فكرية جديدة اصطلح على تسميتها بالمدرسة الإصلاحية!- والتي ظهرت أوائل القرن السابق في مصر وخرج من تحت عباءتها كثير من الكتاب الذين اتهموا بالدخل في دينهم من بعد ..


12-3-2010    03:06
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
حنظلة القاري

عضو مميز
عضو مميز
تتمة


...

منهم قاسم أمين الذي كتب وأسهب في "تحرير المرأة" مؤسسا' كلامه على نظريات غربية بحتة .. ومنهم طه حسين الذي دعا في كتاباته عن الشعر الجاهلي إلى نبذ الأعراف الشرقية جملة و تفصيلا' وامتلأت كتاباته تلك بالتخرصات والانحرافات العقدية .. وكل ذلك تحت دعوى التحرر والعقلانية والتقدم ..

وكان جُلُّ من سلك في هذه المدرسة قد جعلوا المعتزلة قدوتهم ورؤوا أنهم الأحق بالاتباع ..


هذا أحمد أمين يرى في كتابه "ضحى الإسلام " أنه كان من الواجب على المعتزلة والمحدثين أن يستمرا كحزبين أحدهما تقدمي والآخر محافظ! دون أن يلغي أحدهما الآخر ويقول : " في رأيي أن من أكبر مصائب المسلمين موت المعتزلة" ..

ولم يكن أحمد أمين الوحيد في تمجيده للمعتزلة والتحسر على انقضاء دعوتهم .. فقد خرج من هذه المدرسة كثير من الكتاب ينادون بتجديد الفكر الاعتزالي .. ويدعون إليه على أنه المنهج الصالح لحكم مسلمي العصر ..


وسبب تلك الدعوات انشغال أولئك الكتاب طوال حياتهم بالفكر الغربي دراسة وتحليلاً .. بينما لم ينظروا في فكر أمتهم وعلومها إلا فترة محدودة يطالعون فيها الكم الهائل من تصنيفات أهل السنة على عجل بنظر المستشرقين لا بنظر المؤمنين .. فيطلعون عليها ليردوا معظمها لا ليبحثوا فيها و يفهموا بُعدها الحقيقي ..

فيغرفون من دعاوى المستشرقين ويعبون من أفكارهم عبا' .. بينما يتحرصون و يتحاذقون عند أخذهم من علماء الأمة فلا يأخذون من علمهم إلا كما يأخذ المبضع في يد الطبيب من لحم المريض ..

وهذا عرفان عبد الحميد يطنب في كتابه (دراسات في الفرق والعقائد الإسلامية) في مدح فكر المعتزلة و ينقل مستشهدا' لذلك عن " سوزانا فلزر " إحدى المستشرقين ما قالته في مقدمة كتابها "المعتزلة ": ( "والمعتزلة تمثل أول محاولة في الفكر الإسلامي تعرضت لمسألة الصلة بين الحقائق الدينية وأحكام العقل وذلك بقوة فكرية عجيبة وثبات عظيم وحاولت حلها بطريقة مبتكرة")



وما يؤسف حقا' .. هو انتشار دعواتهم على ألسنة بعض رجال الفكر الإسلامي عن غير وعي لأبعادها الشرعية .. وترديدها على أنها ثابتة في جذور الدين وأصوله ..


مثاله ما قاله بعضهم : "وليس في تاريخ الإسلام فرقة واحدة تستطيع أن تزعم لنفسها فهم العقيدة الإسلامية على الوجه الأكمل حتى يكون كل من خالفها في شيء ضالا مبتدعا أو من أهل الزيغ والأهواء! ولا تخلو فرقة واحدة من الغلو في جانب والتفريط في جانب آخر، وليست مهمتنا الانتصار لفرقة على أخرى أو تعميق الخلاف بين هذه الفرق .. "!

..

فهم بذلك يبطلون مفعول نصوص أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم العديدة التي تخبر عن الفرقة الناجية والظاهرة على الحق بدوام هذه الأمة .. كما أنهم يساوون بين المعتقدات المنحرفة والعقيدة السوية وهذا محال بداهة .. أضف إلى أنهم يعتمدون آلية توحيد ولمِّ شمل ٍ اعتباطية .. تتيح للمنحرف التمادي في انحرافه وإضلال غيره .. وتلك الرؤية الفسيفسائية للحق تجعل للشرع والدين وجوها' لا متناهية قد يجتمع فيها الشيء وضده دون أن يحدث ذلك أي اضطراب منطقي عندهم .. كيف لا وعيون أولئك كعيون الذباب الفسيفسائية المركبة التي لا تريها إلا زيغا' .. حتى تراها تصطدم بالجدار تلو الجدار وتروح وتؤوب وتحوم في مختلف الإتجاهات ..

ولماذا سُمِّي بالذباب بالذباب .. ؟!

أليس إلا لأنه ( كلما ذ ُبَّ .. آب ) .. ؟!

..


يتبع .. في الحديث عن نهج أرباب هذه المدرسة في التعامل مع القرآن والسنة ..


تم تعديل هذه المشاركة بتاريخ 12-3-2010 الساعة 13:00 من قبل: حنظلة القاري
12-3-2010    03:14
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
حنظلة القاري

عضو مميز
عضو مميز
منهج المدرسة العقلية الحديثة في التفسير :


أخذ بعض من اشتغل في تفسير القرآن الكريم في الآونة الأخيرة بعض مبادئ المعتزلة واتبع نهجا في تفسيره ..


بل تجاوز بعضهم هذا النهج إلى ما هو أبعد منه وأعمق , فتورطوا في تأويل آي القرآن بشكل يتلاءم مع كثير من المكتشفات العلمية الحديثة .. وراحوا يملؤون تفاسيرهم بكل صرعة جديدة من الأبحاث العلمية حتى قيل عن بعض تلك التفاسير : "فيه كل شيءٍ إلا التفسير " ..

ولا شك أن هذه التفسيرات من أخطر التفاسير للقرآن الكريم .. بل هي تلاعب بالآيات وصرف لها عن حقائقها الثابتة إلى معان ٍ لا تثبت إلا بقدر ما تثبت أبحاث علمية تهتز يمنة ويسرة بين الثبات والسقوط ..


يقول مصطفى المراغي ممتدحاً أحدهم لاتجاهه العلمي في التفسير :

" وحمدت له هذه النزعة العلمية التي لو تحلى بها كل مبرز في فرع من فروع العلم لاجتمع لدينا ذخر عظيم من هذه التطبيقات الثمينة تستفيد منه النابتة الحديثة زيادة معرفة بإعجاز القرآن وإيقان بأن الله ما فرط في كتابه من شيء" ..

تلك الذخيرة التي تمناها المراغي يتجلى نخبها العظيم في تفسير الطنطاوي جوهري المليء بالتأويلات المعتمدة على أدنى الشائعات العلمية ..

مثال ذلك قوله في تفسير الآيات الكريمة من سورة البقرة :


{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً...} [البقرة: 67] ا "وأما علم تحضير الأرواح فإنه من هذه الآية استخراجه، إن هذه الآية تتلى والمسلمون يؤمنون بها حتى ظهر علم تحضير الأرواح بأمريكا أولاً ثم بسائر أوروبا ثانياً" وقال "ولما كانت السورة التي نحن بصددها قد جاء فيها حياة العزير بعد موته وكذلك حماره، ومسألة الطير وإبراهيم الخليل، ومسألة الذين خرجوا من ديارهم فراراً من الطاعون فماتوا ثم أحياهم وعلم الله إننا نعجز عن ذلك جعل قبل ذكر تلك الثلاثة في السورة ما يرمز إلى استحضار الأرواح في مسألة البقرة كأنه يقول: إذا قرأتم ما جاء عن بني إسرائيل في إحياء الموتى في هذه السورة عند أواخرها فلا تيٍأسوا من ذلك فإني قد بدأت بذكر استحضار الأرواح فاستحضروها بطرقها المعروفة .."

------

ولهوس بعضهم بتسخير آيات كتاب الله للعلم التجريبي المادي البحت أنكروا بعض المغيبات و أولوا الآيات المتعلقة بها ..

فهذا أبو زيد الدمنهوري ينكر في تفسيره .. معجزات الأنبياء عليهم السلام حيث يقول : "وأن آيتهم على صدق دعوتهم لا تخرج عن حسن سيرتهم وصلاح رسالتهم، وإنهم لا يأتون بغير المعقول ولا بما يبدل سنته ونظامه في كونه" .

ويقول في تفسير قوله تعالى:

{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} [الأعراف: 160] "ويصح أن يكون الحجر اسم مكان واضرب بعصاك الحجر معناه: اطرقه، واذهب إليه، والغرض أن الله هداه إلى محل الماء وعيونه"


ويفسر الإسراء بالرسول صلى الله عليه وسلم أن القصد به هجرته من مكة وهي المسجد الحرام إلى المدينة وهي "المسجد الأقصى" .

وبمثل ذلك يطفح تفسيره بالتأويلات اللغوية العجيبة لآيات الإعجاز والغيب ..


يتبع ..


تم تعديل هذه المشاركة بتاريخ 16-3-2010 الساعة 15:07 من قبل: حنظلة القاري
16-3-2010    14:48
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
حنظلة القاري

عضو مميز
عضو مميز
تتمة ..

ورغبة من رجالات هذه المدرسة في تسويق القرآن الكريم للأجانب على أنه نمط من كتب التراث الأدبي .. لم يتورعوا عن وصف ما جاء فيه من قصص على أنها أساطير أدبية الغاية منها ضرب المثل والعبرة وليس الإشارة إلى أحداث وحقائق تاريخية ..

..

يقول طه حسين في كتابه (في الشعر الجاهلي) :

" إذا كان القرآن لا ينفي ورود الأساطير فيه .. وإنما ينفي أن تكون هذه الأساطير هي الدليل على أنه من عند محمد عليه السلام وليس من عند الله .. إذا كان هذا ثابتاً .. فإنا لا نتحرج من القول بأن القرآن أساطير .. لأننا في ذلك لا نقول قولاً يعارض نصاً من نصوص القرآن" ..

ويتابع قائلاً :

"وإذا ما قال المستشرقون أن بعض القصص القرآنية ..كقصة أصحاب الكهف أو قصة موسى في سورة الكهف .. قد بنيت على بعض الأساطير .. قلنا ليس في ذلك في القرآن من بأس .. فإنما هذه السبيل سبيل الآداب العالمية والأديان الكبرى .. ويكفينا فخراً إن كتابنا الكريم قد سن السنن وقعد القواعد وسبق غيره في هذه الميادين" .


وإنما يتبع طه حسين نهج شيخه الشيخ محمد عبده الذي قال قبله :

"وأما تفسير الآيات على طريقة الخلف في التمثيل فيقال فيه أن القرآن كثيراً ما يصور المعاني بالتعبير عنها بصيغة السؤال والجواب أو بأسلوب الحكاية لما في ذلك من البيان والتأثير فهو يدعو بها الأذهان إلى ما وراءها من المعاني كقوله تعالى {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ} [ق: 30] فليس المراد أن الله تعالى يستفهم منها وهي تجاوبه وإنما هو تمثيل لسعتها وكونها لا تضيق بالمجرمين مهما كثروا .... والمعنى في التمثيل ظاهر"


أجل .. قد قالوا مثل ذلك ، وقال بعضهم أن الوحي عرفان يجده الشخص في نفسه ...


وبذلك يكونون قد أعملوا عقولهم المجردة في القرآن الكريم متبعين نهج المعتزلة .. وجنحوا في تفسيره إلى جانب المادية المطلقة تماشيا' مع صرعة العصر وفلسفته الآنية .. متجاهلين مقاصد القرآن الأساسية التي لا تتبدل بتبدل العصور ..


--------------

لا زلت متواصلاً معكم ..


تم تعديل هذه المشاركة بتاريخ 16-3-2010 الساعة 15:14 من قبل: حنظلة القاري
16-3-2010    15:01
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
ابو المجد

عضو مميز
عضو مميز
العقل والعلم

أخي حنظلة لي هذه المداخلة أرجو أن تأخذها بصدر رحب وإن كان بالإمكان أن تفسر لي التالي :

إذا كان العلم يأتي عن طريق العقل...

وضمن هذا المفهوم تقول النظريات العلمية :

بأنه لم يستخدم أحد بأكثر من 20% من عقله.

فهل يجب أن نحد العلم على مستوى استخدامنا لإمكانيات عقولنا..؟

وبذلك نكون قد أوقفنا العلم عند مستوى معين....!!!! وتبقى تفسيراتنا عند هذا المستوى ....

أم نقول هذه إمكانياتنا وعلينا أن نطورها بزيادة استخدامنا لمقدرات عقولنا....

وهل هناك إمكانية لذلك ...؟ .

لم أجد بداً من كتابة السؤال الأخير .


----------------------------------
كن جميلاً ... ترى الوجود جميلاً


تم تعديل هذه المشاركة بتاريخ 18-3-2010 الساعة 12:23 من قبل: ابو المجد
18-3-2010    12:21
مشاهدة اللمحة الشخصية تحرير/حذف الرسالة
جميع الأوقات بتوقيت قارة | الوقت الآن:   الاثنين   18/8/2025   14:01 لكتابة موضوع جديد   
عدد الصفحات=2:   1 2

منتدى الحوار  >>  منتدى الحوار العام





حقوق النسخ محفوظة لموقع قارة دوت كوم
أفضل مشاهدة للموقع باستخدام متصفح إنترنت إكسبلورر 5.5 وما بعده ودقة شاشة 800 * 600 بيكسل