|
الصفحة الرئيسية للمنتدى
|
التسجيل في المنتدى
|
تعديل البيانات الشخصية
|
قواعد الكتابة في المنتدى
|
بحــث
منتدى الحوار
>>
منتدى الحوار العام
>>
من أنت أيها الإنسان..؟؟؟
عدد الصفحات=4: ‹
1
2
3
4
›
الكاتب |
الموضوع |
 |
|
|
|
باسمة
عضو مميز
|
قصة قصيرة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
العفيف
محياه يحتمل أكثر من تأويل ..
له ألف وجه ووجه ...
يتحدث في كل شيء..
اذا ما وجد نفسه في جمع يذكر الله ؛تحزم وشمر عن ساعديه وأطرق بصره وعلت وجنتيه حمرة مشوبة ببعض الاصفرار ؛وغاص في بحور العلم وعرج على سراديب علم الكلام ؛وتحدث عن السيرة العطرة للنبي العدنان ؛وعن حياء عثمان بن عفان وحكمة لقمان ؛وشجاعة خالد بن الوليد وباقي الفرسان ؛وعن كل من سارت بذكرهم الركبان ..
كان الجميع يصغي اليه فاغرا فاه ؛مندهشا من قدرة هذا الشاب الذي يبدو ورعا تقيا عفيفا ..
يتحدث عن الكرم فتخاله أكرم الناس ؛ويتكلم عن العفة فتحسبه أعف الناس ؛ويشرح معنى التقوى فلا تظنه سوى أتقى الناس ..
وفي نهاية المجلس ؛يرفع كفيه للدعاء ؛ويتضرع لله بصوت رخيم يترك الأثر الواضح في النفوس ..
وما أن ينتهي حتى يمتطي سيارته الفارهة التي تبلع الطريق بلعا..
لايعرف أحد مقصده ؛فهو لايحضر ذلك المجلس الديني الا مرة كل أسبوع ؛وخلاله تلأتيه الهدايامن كل حدب وصوب عرفانا له على علمه الذي يغدقه عليهم ؛وعربونا لمحبتهم له ..
وفي الطرف الآخر من المدينة ؛يظهر وجهه الثاني الممعن في التناقض الصارخ ..
ففي جمع من خلانه وخليلاته؛يلعب دور النجم ال\ي يستأثر بالكلام ؛ويستحوذ على الاهتمام ..
أحاديثه كلها تنقلب رأسا على عقب ..
ويشمر عن ساعديه ويرفع نظره عاليا ويجول به في كل مكان بحثا عن فريسة محتملة ..
يعلو وجنتيه احمرارا ناتج عن سخونة المكان والأجساد ..
يبحر في أحاديث الغزل وشعر أبي نواس ويثني على الخطيئة؛و يدندن عاليا بأغاني الطرب الماجن ..
طارت عنده سيرة النبي العدنان فحلت محلها أخبار هذه الراقصة وذلك الفنان ؛واندثر الكلام عن حياء ابن عفان فلا بأس من ر صد مغامرات فلان وعلان ؛ونسي ما قاله عن شجاعة الفرسان فتحدث عن عورات نساء الجيران ..
ما يقوله عن الزنادقة والصعاليك لايترك لك أدنى فرصة في أن تتهمه بلذندقهة ؛وأحاديثه الطويلة عن النساء تجعلك تلقبه بزير النساء وبالك مرتاح ..
لايتورع في قول ما لايمكن أن يخطر على بال انسان ..
لاحدود يرسمها لثرثارته ولا خطوط حمرا لهرطقاته ..
يبيح كل شيء ولايحرم أي شيء.
في الضفة الأ ولى من المدينة ؛كان اذا ذكر الموت انكمش ونصح ووعظ بذكر هادم الذات الذي يأتي للمرء بغتة فلا يمهله هنية واحدة؛ واذا ما ذكر الحياة؛شدد على أنها فاتنة وحذر من مغبة اللهو والفجور وتضييع الصلوات ..
أما في الضفة الثانية البعيدة من نفس المدينة ؛فكان اذا ذكر ته أحدهم الموت انقض كالدجاجة التي تذبح لتوها ؛وأزبد وأرعد وشتم ولعن الجميع ؛فكان جزع وذكر الأحزان والمأثم وانما هوللحبور والتحرر من كل الأغلال والقيود ؛والارتواء من جميع الملذات بحلالها وحرامها ؛بقدها وقيدها ...أما اذا أتى على ذكر الحياة الدنيا ؛فان عينيه تكادان تغادران جحرهما الحقير لتحطا على الأجساد البضة للفتياتىاللواتي يحضرن مجلس العار والشنار ..المرأة عنده هي رديفة للحياة ؛والاغتراف من هذه الحياة يعني استغلال جسد الأنثى أسوأ استغلال ورسم مقاطع الزلل على تضاريسه ؛وأداء سمفونية الشيطان على ايقاع الرذيلة..ومع هذا كله ؛يتبجج بلدفاع عن حقوق هاته المرأة..
حاميها حراميها ؛هكذا هو..ويعرف أنه لايتغير مرة في الأسبوع حين يمكث بعد يوم الأحد عند أولئك القوم الذين يعبدون الله ويذكرونه جل سحابة يومهم ؛ويكرمونه أيما كرم ويحمل معه الكثير من الهدايا وما لذ وطاب من الأكل والشرب ؛كأنه يبيع لهم ما يلوكه لسانه من فقه ودين ..ويأتي اليوم الذي قبضت فيه روح أحد هؤلاء الناس وكان رجلاجواداوكريما معه ؛فاستدعاه القوم ليخصهم بكلمة وعظ في دار الهالك الذي كانت زوجته عمة أحد الشباب الذين يقيمون اليللي الملاح رفقة الواعظ المزيف ...فما كان يستطيع رفض طلب من أكرمواوأحسنوا اليه غير ما مرة حتى صار يملك المال والعقار ..حضر على عجلة من أمره وهو ينوي ألا يجلس أكثر من ساعة لأن نفسه تضيق في مجالس الجنائز والماآثم ؛وهو الذي تعود أكثر مجالس الفن والمعازف والغواني ..ولما لم يشرع بعد في اسداء النصح والموعظة لأهل الميت واحتساب الأجر عند الله والصبر عند الصدمة الأولى ؛حتى دخل بعض خلانه الذين يقضي برفقتهم ليالي الأنس والسهر ..وقف الكلام في حلقه ؛وتسمر أصحابه في مكانهم وأشاروا اليه جميعهم :(كيف ..أنت من تخطب في هؤلاءالناس ؟كيف ..أنت من تخطب في هؤلاء الناس ؟كيف وليلة أمس فقط كنت تعاقر قنينة نبيذ فاخر ؟..)؛وانقلب هدوء وضجيج عارم ؛فراح جميع من كان في البيت يبصق في وجهه ويلعنه ؛بل وثبوا وثبة رجل واحد فأشبعوه ضربا الى أن خر مغشيا عليه .
|
30-11-2007
12:46
|
|
د.محمد عمر الحاجي
عضو فائق التميز
|
مسكينة أيتها الحرباءة!!
قصة رائعة أخت باسمة........
فمما يؤسف له أننا نعيش في زمن الأقنعة!!
فبعض الناس أتقنوا درو (الحرباءة), بل وتفوّقوا عليها!!
فكثير من يتقمّص شخصية الإنسان المتديّن, وذلك عن طريق إظاهر الزهد.. والخشوع... والبكاء..
لكن على أرض الواقع تراه مجرماً.. ونشالاً.. ودجالاً!!
وصدقت عائشة رضي الله عنها عندما رأت رجلاً متماوتاً يظهر الزهد, فقالت: لقد كان عمر رضي الله عنه زاهداً, وكان إذا قال أسمع, وإذا مشى أسرع, وإذا ضرب أوجع!
أجل!
ليست المسألة بطأطأة الرؤوس, ولا بإطالة اللحى, ولا بالاهتمام بالمظاهر والديكورات, وإنما القضية تكمن في القلوب والعقول, وكما قال الشاعر:
سبّح وصلّ وطـُف بمكة زائراً ـــــــــ//ــــــــ سبعين لا سبعاً فلست بناسك.
جهلُ الديانة من إذا عُرضت له ــــــــ//ـــــــ أهواؤه لم يلف بالمتماسكِ.
- وعلى الخير نلتقي -
تم تعديل هذه المشاركة بتاريخ 30-11-2007 الساعة 21:19 من قبل: د.محمد عمر الحاجي
|
30-11-2007
17:29
|
|
حي بن يقظان
عضو مميز
|
نعم ...نعم
جميلة ورائعة هي قصتك يا أخت باسمة ليس في المعنى فقط بل في الحبكة الأدبية أيضاً ....أستفيد منها أن تاج العلم إذا لم يوضع على رأس ملكٍ كريم بأخلاقه وعفة نفسه استحالَ إلى كنانةٍ معلقةٍ على منكب أحد الشياطين يرشق بها العامة والخاصة بزعمه أن سهامَ العلم أنوارٌ لا تقتلُ بل تحيي ..وكيف لقلب ٍ ميت ٍ أن يحيي أفئدة وضمائراً ...ولهذا ركــُّزتُ في مقالتي السابقة عن الزواج أن الأصل هو الخلق لا العلم ..لأن العلم آلةٌ إذا لم يسيِّرها الخلق سيَّرتها الغريزة فيصبح الإنسان حيواناً عالماً أو بتعبير آخر "مسخ شيطان" .
كما أشكر الأخ الدكتور أبو عمر على تعليقه الرائع ..وأوافقهُ على أن المسألة تكمن في جوهر الإنسان لا في مظهره وليست "الحرباء"إلا نمط من أنماط الإنسان حين يجنح عن أخلاقه وينغمس في بوتقة أهوائه فينصبغ بلون كلِّ صخرة أو غصن يقف عليه..ليمثِّلَ دور الإنتهازي الذي لايدع محطة من محطات الهوى والشهوات تفوته دون أن يبقي للمجتمع عليه ممسكاً فقبِّعة التخفـِّي أو التلوُّن جاهزة لديه دائماً .
لكنَّ "الحرباء" ليست الحيوان الوحيد الذي تنطبع غريزته على نفس الإنسان عندما ينحلّ من رباط الفضيلة ويطلق حبلَ الشهوة على غاربه:
*فمن الناس من هو كالأفعى له لسان متشعب وملمسٌ هيِّنٌ ليَّن يتربُّص لكَ فلا تدري متى سيغرز سمَّه فيك.
*ومنهم من هو كالجمل ..أنفٌ غيور..إذا تحدَّث صعَّر خدَّه كأنه إلهٌ يملي حكمته على عبيده...أطبقت غيرتهُ على عقله فأصبح لئيم الطبع حادَّ المزاج ..مازال يضيِّق على نفسه وعلى أهله حتى تضيق عليهم الأرض بما رحُبت..فيوشكُ أن ينفجرَ في أيِّ لحظة.
*ومنهم من هو كطير الغراب لبس السواد وظن أنه لباس الحكمة ثمَّ راح يقرِّع رؤوس الناس بنعيقه:((ويلكم ..ويلكم..لن تفلحوا ..لن تفلحوا..هلكتم..هلكتم))ألا وإنه أهلكهم وأخسرهم ...لبس الزهد قشراً فإذا ما عرضت له جوهرة برَّاقة نسي زهده وكان أوَّل المنقضين عليها سواءً أكانت حلالاً أم حراماً.
*ومنهم كالأغنام السارحة في البرية ..ذاتُ ثغاء ورغاء ..وهرج ومرج ..تشرِّقُ إذا شرَّق راعيها وتغرِّب إذا غرَّب ..لا تعرف للمبدأ معنىً ..تعوَّدت أن تطأطئَ رأسها لناهق أمامها وتنزجرَ مع نابح ٍ خلفها..
*ومنهم كالظربان لا يحلُّ في مجلس ٍ إلا وحلـَّت رائحة نتنه فيه...سوى أن الظربان ينتن ليطردَ عدوَّه وينفره...أما هذا فيتفوَّه بالنتن ليباسط جليسه ويؤانسه...ولم يجدْ له ضيافة أجود من لحوم الناس ..يغمز ويلمز ويسخرُ ويلقِّبْ..كأنه اعتلى عرش الإنسانية الكاملة وراح ينادي على الناس "ناقصون ..ناقصون"ألا وأنه أنقصهم وأنتنهم.
*ومنهم من هو كالطاووس ...ليسَ له دهاءٌ ليفخرَ به ولا بأسٌ ليبطش به ..بل ابتليَ بذيل ٍ ملوَّن مزركش فظنَّ أن الكون قد طويَ وانحسر بذيله المزركش ..فهو يتلوَّى ويتطـعَّجُ في مشيته مجرّراً ذيله ...والذيل لدى الإنسان ليس ذيلاً بمعناه الحقيقي بل بما يخلِّفه من "مال وعقار ومركوب ولباس"....نسي هذا أن الذيل خـُلق فوق القفا ليستر العورة وينفض الذباب ...واعتقد أنَّ نافض الذباب ذاكَ هو السيِّد وهو الأساس وهو الغاية فأمضى حياته يلحق ذيله وهو خلفه.
*ومنهم كالخنزير لايقع إلا على قذارة ...ولو وُضع في روض نضر ٍ نظيف الهواء حسن المنظر يتخلله من تحته الماء الزلال النقي ويغشاه الصفاء والنقاء والنماء ..لاشمأز َّت نفسه واقشعرَّ بدنه و راح يخور ويزفر:"خذوني إلى مستنقع طين وأقرب حاوية قمامة..ثمَّ على الدنيا السلامة"..لا تثور له نخوة ولا تستيقظ به حميَّة ولا يعرف للغيرة معنى...همَّه خبيثُ الشراب والطعام ..وخبيث المضجع والمنام...
ومنهم ...ومنهم ...ومنهم......سوى أن الطبيعة لن تضنَّ بإنسان لطيف الطبع له من العصفور تغريده ومن النحل عسله ومن الغزال مسكه ومن السنور إلفته ومن الديك تسبيحه .....
وأخيراً لي كلمة لابدَّ قائلها ...كما أن صورة الأشياء لا تغني عن حقيقتها ...فإن حقيقة الشيء لا يسوءها إذا انسجمت مع صورته فيستقيم القلب والقالب ...
فإن قيل مثلاً أن إرخاء اللحية عيبٌ في زماننا فاعلموا أني أوَّلُ المعيبين بذلك...ولا يسوءني إن قال الناس رجعيٌّ وجامد...فالرجعية مصطلحٌ أطلقه الغرب على المتشبِّث بأفكار العصور الوسطى وهي -كما تعلمون-قاتمة مظلمة لديهم...أما نحن في الشرق فإن قمة الحضارة وزهوة الفكر تجسدت في العصور الوسطى لذلك شرفٌ لي أن أنسَبَ بالرجعيَّة لها...وإن قالوا جامدٌ فهم مائعون أو هلاميون...فالجامد ثابتٌ مستقر...والمائع يسيل فيضيع ...والهلام لاتستقرُّ به أرض ولا يثبت على رأي مترجرجٌ طول حياته..
لكم مني أعطر التحيات 
----------------------------------

تم تعديل هذه المشاركة بتاريخ 1-12-2007 الساعة 12:27 من قبل: حي بن يقظان
|
1-12-2007
11:55
|
|
همام
عضو مميز
|
|
1-12-2007
12:55
|
|
جلنار الصغيرة
عضو مميز
|
مرحباً..
على رسلك..
هذا ما كنت أخشاه..
لا بد أن أبو العبد قد أعارك نظارته اليوم..

----------------------------------
....... هـَزُلَتْ !!
|
1-12-2007
16:14
|
|
الصنديد
عضو مميز
|
أبو العبدِ ماتَا
وتركَ الحياتا..

ولمْ يفهموهُو
ولم يرحموهو
فقط حذفوهو
وكانوا الجناتا

أبو العبدِ نامه
ليوم القيامه
وكسروا عظامه
وأمسى رفاتا

أبو العبد طـــارا
إلى الموت سارا
بقبر توارى
وذاقا المماتـــــــــــــــا

أبو العبد"بحْ " "بحْ"
بموت ٍ ترحــْــــــــــرحْ
وصنديدُ صَحصَحْ
يقاضي القضاتــــا
---------------------------
دستور من خاطرك أخي حي...
----------------------------------
خير الكلام ما قل ودل , وخير جليس زوادة وظل.
|
1-12-2007
19:26
|
|
باسمة
عضو مميز
|
نصيحة ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
كتب عمر البصري بن عبد العزيز الى الحسن البصري _ رضي الله عنهما _ يطلب اليه أن يجمع له أمر الدنيا والأخرة في كتاب فأجابه :
انما الدنيا حلم ، والأخرة يقظة ، والموت متوسط ونحن في اضغاث أحلام .
من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر ، ومن نظر في العواقب نجا ،ومن أطاع
هواه ضل ،ومن حلم غنم ومن خاف سلم ، ومن اعتبر أبصر ،ومن أبصر فهم ومن فهم علم، ومن علم عمل عمل ،فاذا زللت فارجع ، واذا ندمت فاقلع ، واذا جهلت فاسأل واذا غضبت فامسك.
|
4-12-2007
22:24
|
|
حي بن يقظان
عضو مميز
|
مصباح علاء الدين!
في أحد الأزمنة عندما قرر أبطال الحكايات والأساطير أن يلتقوا ...رميتْ قرعة بينهم لاختيار من سيلاقي من...ولما جاء دوري خرجتْ القرعة عليَّ أن ألتقي برجل يسمى "علاء الدين" فراح الجميع يهنئوني بأني سألاقي ملك الزمان والرجل الأوفر حظاً في الدنيا ولشدة ما هوَّلوا لي من الأمر اعتقدت أني سألتقى بأعظم ملك مخلوق نبي الله سليمان أو أحدِ أبداله في هذا الزمان...ولما حان موعد اللقاء وبعد أن انتظرتُ طويلاً ليشرِّف حضرة الملك المزعوم ...رأيت من بعيد دابَّة سوداء عريضة المناكب واسعة العينين يخرج منهما نورين كنور الشمس كان تهشُّ الأرض هشَّاً وتقطع الآفاق بسرعة البراق علمت فيما بعدُ أنهم يسمُّونها "السيَّارة" وليس كلُّ السيارات كما يقولون سواء...ولما صارت بمحاذاتي توقفت فنزل من جوفها رجلٌ يلبس السواد في السواد ..فقلتُ في نفسي مذعوراً أهذا علاء الدين الملك أم أنه "نكيرٌ" ملك القبر جاء يعذبني في الحياة قبل الممات ...استجمعتُ قوتي وقمتُ لاستقبله استقبالاً يليق بالملوك فقلت مُرحِّبا:
-أهلاً.. أهلاً..بالإنسان الملك "علاء الدين" شرَّفتم جزيرتي والله!!
-لا لستُ هو..!
-كنتُ أشكُّ في ذلك ..فمن أنت إذن لتقطع خلوتي دون سابق إنذار!! 
-أنا رسولُ.. خادم.. حاجب ِ.. الملك "علاء الدين "...أتيتُ لإخبارك أن الملك ليس لديه رغبةٌ بلقائك..وكذلك حاجبه وكذلكَ خادم حاجبه...ولكنهم أرسلوني مع سرِّ الملكة "المصباح العجيب" لتأخذه وتمنى أمنية واحدة ثمَّ تعيده ..وفي ذلكَ أيما منـِّة وتكرُّم ٍ من الملك العظيم "علاء الدين"
-نعم..نعم.. ..لقد طمرنا بفضله ذلك الملك ..عد إليه مع فانوسك وقل لخادم حاجبه أن يقول لحاجبه أن يقول لمَلِكه أنا لانريد منه شيئاً.
- كفى حمقاً يا رويِّـــع-تصغير راعي-سأترك معك الفانوس لساعة من الزمن ..فكـِّر بأمنيتك جيداً و لاتضيِّع الفرصة بحماقتك....
-انتظرْ!! إلى أين تذهب تاركاً معي هذا المصباح الصدئ ..؟أتركْ لي بعض الزيت فيه على الأقل ..أفٍّ ..!!ما هذا الغبار المتعشق بنحاسه ؟؟؟
----------------------------------
|
6-12-2007
23:20
|
|
حي بن يقظان
عضو مميز
|
مصباح علاء الدين!
*رحتُ أمسحه بطرف ثوبي -وكأني لا أدري ما سيحصل بعدها - وإذ بعاصفة من الدخان تجتاح المكان وصوتُ قهقةٍ يطرق أسماعي من كلِّ جانب..فلما انكشف الضباب بان لي جَبَلٌ هائل يتكلــَّم فيقول:
-هههههههههههه...شبَّيكَ لبيك!!!المارد "زوزو" بين يديك..أطلب وتمنى !!
-عجباً !! عجباً كل هذه الضخامة واسمكَ "زوزو"؟! 
-هذا اسم الدلع نريد أن نتطور يا رجل واسمي الحقيقي "طهماز بن فنطاز"..
أمِّي"فنتازيِّة" وأسكن مصباح الكاز..ماعليكَ إلا أن تتمنى فقد فـُتِحت لكَ طاقة القدر!!
-وإذا تمنيت هل ترحلُ عني بعدها؟؟
-بكل تأكيد فلم يتح لكَ سوى أمنية واحدة ..هيا فقد بدأ النعاسُ يداهمني من ملقاك.
-حسناً ...ماذا سأتمنى؟؟ وجدتُها!! أتمنى أن أكون سعيداً..
- وما أدراني كيف تكون سعيداً؟! من الناس من يسعده أن يعيش في بيت صغير مع زوجة صالحة قانعة وأولاد كثر يملؤون زوايا البيت بضجيجهم وضحكاتهم..ومن الناس من لا يسعده إلا المزيد من جمع الدنانير..فهو شقيُّ أبداً لأنه إذا تحقق المزيد أصبح بحاجة إلى مزيدٍ آخر وهكذا حتى يسمع نداء إحداهم تزمجر وتقول"هل من مزيد"؟ومنهم من يسعده أن يبقى حزيناً مثل العاشق الذي يتعذب بآلام الإعراض والإشتياق وهو سعيد ثملٌ بهذا العذاب..لا بل إن فكرة كونه عاشقاً تجعله بزعمه أسعد الناس مع أنه أشقاهم..ومن الناس مَن ينطبق عليه المثل العامي بأنه" لا يبتسم للرغيف الساخن"دائم النواح اعتقد أنه قدم إلى الدنيا ليتعذب .فهو مكفهرٌّ دائماً لا يفترُّ له ثغرٌ ولا يبان له ضرس!!ولكل إنسان مذهبه في الحياة وبه يحيى سعيداً ...فلا أقدر أن اخمِّن ما يحقق سعادتك أبداً ..فحدِّد لي أمنيتك ولا تحجني إلى كثرة الكلام .
-ماردٌ أنت أم طرطور ؟!
-ماردٌ أنت أم طرطور ؟!حسناً سآخذك على قدر عقلك..إن لم تستطع تحقيق سعادتي ..فلتحقِّقْ سعادة الأمة...وأنا أتنمى منك أن تلملم شمل الأمة وتوحِّد أفئدة أفرادها على قلب رجل واحد..وتعيد لها شوكتها وقوتها بين الأمم هيا حقـِّق الأمنية ولا تتلكـَّأ.
-أففففففففف ماذا تهذي أيها الأحمق...؟إن توحيد الأمة يتطلب مني أن يأتلف الرجل وأخيه والإبن مع أبيه والجار مع جاره..فإذا قدرت على ذلك -ولن أقدر- كان علي أن أصلح فساد قلوب الحكام والسلاطين ثمَّ أقطع رقاب الفاسدين المفسدين ..فإذا انتهيت من ذلك كله كان علي إعادة كلِّ حق لأهله ونصر كل مظلوم على ظالمه ...والله لا أراك إلا قد تمنيت ألفَ ألفِ ألفِ أمنية في أمنية واحدة!! فتمنى أمنية مثل الناس وخلـِّصني فلم يجادلني أحدٌ في الزمان مثلما جادلتني أنت!!
-إذن!!!ماذا تستطيع أن تحقق لي؟!!أتحقـِّق لي مالاً وأنت الذي تفلسفتَ قبل قليل أن المال يأتي بالهم لصاحبه لا بالسعادة...أم تحقِّق لي جاهاً ومنصباً ..فإن صاحب الجاه أحد اثنين :إما فاسد ظالم ..وذلك لن ينجو من دعوة مظلوم في الدنيا وسوء خاتمة في الآخرة..أو صالحٌ ورع فذلك معذبٌ في دنياهُ أيَّما عذاب ..لا يستطيع أن يغمض عينيه فيضيع حق العباد وتذهب مصالحهم..وهو دائماً عرضة لمكائد شياطين الإنس والجن لا يخلص من مكيدة إلا ليقع بأخرى وهذا مقامٌ بحاجة إلى رجل جبارٌ في جسده جبارٌ في روحه..ولا أعتقد أني أمتلكُ القليل من ذلك الجبروت...
إذن! هل تحقق لي زوجة من أجمل النساء وأكملهن ؟...وما فائدة تكليفك بهذا الأمر ما دام أني لن أتزوج إلا المرأة المقدَّرة لي ..فلو جئت أنت مع كلِّ عفاريت الجان وجاء معكم إبليس وجنوده -على فرض أنه تاب وأصلح-ثمَّ جاءت الملائكة وعلى رأسهم روح القدس جبريل...لن تقدروا أن تأتوا لي بغير المرأة المكتوبة من نصيبي...ماذا أتمنى بعدها ؟؟؟أأتمنى طعاماً وشراباً؟!!وما الطعام والشراب إلا حشوة للبطن أي صنف منها يسدّ تلك الحشوة؟؟ولاأراكَ إلا ماردَاً اختصاص بطن ٍ فقط!!!
*جُنَّ جنون المارد وراح يضحك تارة ويبكي تارة وهو ينوح ويغني:"تعبٌ كلُّها الحياة"فأردّ عليه:"ويحك ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل"فيجيب:

لكم تحياتي وتحيات المارد المسكين  
----------------------------------
|
6-12-2007
23:21
|
|
جلنار الصغيرة
عضو مميز
|
غضب حي بن يقظان من هذا المارد العاجز...
غضب حتى بانت نواجذه>>>> الله على التعبير 
فأمسك المصباح الذهبي الذي كان بين يديه... ورماه في نهر النيل..
ومن ثم حث خطاه إلى الملك "علاء الدين"..
إلى أن وصل إلى قصرٍ عظيم منيف.. يقع على قمة جبال الألب... ((كل شيء ممكن!)).. 

قعد على إحدى الصخور.. حتى يشحذ همته من جديد..
ويرتب أفكاره في ملفات ومجلدات..
ومن ثم دخل إلى القصر....
ليجد المفاجأة!!    
كان علاء الدين قد رمى التاج (على طايل يده)... وبعثر ثيابه الملكية..
منكـّس الرأس... بائس الملامح... 
أذهلت الصدمة حي... وترقرقت الدمعة في عيونه الـستة.. >>> خيال علمي!
اقترب حي من علاء الدين... مستفسراً غارقاً في الحيرة..
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
ترى ما سر حزن علاء الدين؟
ما رأيك يا حي.... هلا أخبرتنا؟! 

----------------------------------
....... هـَزُلَتْ !!
تم تعديل هذه المشاركة بتاريخ 7-12-2007 الساعة 00:18 من قبل: جلنار الصغيرة
|
7-12-2007
00:13
|
|
الغاوي
|
ما شاء الله هالجلنار صغيرة ..... وفعلها كبير
|
7-12-2007
01:11
|
|
حي بن يقظان
عضو مميز
|
نعم..نعم..
هذا ما حصل فعلاً مع بعض التصرف في الحكاية ..فالمصباح لم يكن ذهبياً بل كان نحاسياً صدئاً وهذا يدلَّ أن قيمة الأشياء ليس في مظهرها البراق بل بالطاقات الكامنة في جوهرها ..المهم ما لنا في الفلسفة مأربٌ اليوم...
بعد أن دخلتُ القصر احتجت إلى طرق خمسين باباً وتوقيع سبعمئة معاملة للدخول إلى حضرة الملك برهة من الزمن...وكنت مصمِّماً على لقائه ..فلما دخلتُ عليه وجدته على تلكَ الحال من البؤس والضجر..فأخرجت من جعبتي منديلاً ومسحت به عدسات نظارتي الستة ثم قدَّمته له ..فلما رآني انقض عليَّ وعانقني منفجراً بالبكاء كالطفل الذي ضيَّع أمه ثمَّ لاقاها

وكنتُ أريد ردعه وزجره فلما رأيته على تلك الحال جهدتُ في ملاطفته والتهدئة من روعه ..حتى هدأت نفسه قليلاً ..فأجلسته أمامي وقلتُ له :
-نعم..أنا أدري ما سببُ شقائك وبؤسك معَ كلّ هذا النعيم الذي يلفكَّ ويحيط بك..إن لكَ يا سيدي لحماً وشحماً ..ولبناً وعسلاً..ومنــَّاً وسلوى..تقضي يومكَ بين حمَّام ٍ وحلاق ومطعم وتتطــرَّحُ على الوسائد والطنافس نائماً ومتمدِّداً !فقد جاءتك النعمة والبلادة معاً ..وصلحت لكَ الحياة وفسدَت منك الفطرة...ربحتَ شبَعاً وخسرتَ لذةً ..عطفوا عليكَ وأفقدوكَ أن تعطف على نفسك..وقد صرت كالدجاج تسمّن لتذبح..غير أنهم ذبحوك دلالاً ومَلالاً...
إن كان من أساسيات الحياة أن تأكل ..فإن أهون ما في الحياة أن تأكل ...ولكن أين أنتَ من علـِّة وجودك التي تحرِّكُ لذاتِ أعضاءك ومتعة روحك وتجعلك تعيش في جسمك كلـِّه لا من قبل البطن وحده!
-من أنتَ أيها الإنسان المهلهل الثياب البارز الفقر..؟!تالله لقد أكسبكَ فقرك حكمة وحياةً!!هيا حدِّثني عن غير لذات البطن!
- إنك ملكٌ ولكن أبله-اعذرني فهذه هي الحقيقة -إن الحرمان من الأشياء هو الذي يعطي لها اللذة في حال كسبها...وإنَّ مكابدة الجوع هو الذي يجعل للطعام معنىً ولذةً ..والشقاءُ كلُّ الشقاء أن تكون شرهاً لدرجة أن كثير امتلاككَ يصبح قليلاً..
ألا وإن بعض سعادتك المفقودة في حرِّية روحكَ وانطلاقها فتشتمَّ من الهواء لذةٌ كلذة الطعام ومن التراب لذة كلذة اللحم..وإن السعادة والشقاء يأتيان من قبل النفس ذاتها..لا من قبل الأشياء والأسباب..وإن لذة السعي وراء الرزق هي أهنى من لذة الرزق ذاته ففيها يملك الرزق قيمته واحترامه ولذة الظفر به..وإن التوجع من مصائب الحياة يعلــِّمكَ الاحتراسَ مما هو أدهى وأمرّ ويُبرز لكَ قدر تفضـِّل المنعم عليكَ حيث ابتلاك بصغائر المصائب وحماك من كبارها..
-أكلّ هذه اللّذات محجوبةٌ عني ..وأنا قابعٌ في قصري لا أعلم -الطيخ من البطيخ-خذني معكَ إلى غابتكَ فيصير لي مثل فلسفتك ..ويكون لي مثل لذتكَ المتعبة وراحتكَ المضنية ...أطارد رزقي فأتلذذ بمطاردته وأكابدُ عيشي فأتنعَّمُ في مكابدتهْ.
-لا لن أفعل...فإنكَ إنسانٌ فارهٌ مدلَّـلٌ ..لاتهوي عليكَ أدنى مصيبة حتى تقع أرضاً وتعلن استسلامك فتصبحَ بلاءً على نفسكَ وبلاءً عليّ...فعدْ إلى مُلكك وعرشك..ويكفيكَ أنكَ عرفتَ نفسكَ وموضعها من الحياة فلا تتكبَّر على خلق الله لأن أمثالكَ في الدنيا بخطاباتهم في الأعلى وبمعانيهم في الأسفل..
وأوصيكَ بالمارد خيراً فإنه عائدٌ إليكَ لا محالة -لأن الأسطورة تطلبُ ذلك- حاول -ولو مرَّة- أن تصنع له الطعام بدلَ أن يحضره جاهزاً إليك ...كما أحذِّرك من الحُجَّاب فإنهم شرُّ بدعةٍ ابتدعها الملوك ليقيموا ألفَ جدار ٍ وجدار بينهم وبين خلق الله ..
وسلـِّمْ على زوجتكَ-الأميرة ياسمينة -وقل لها أن المرآة والمشط وعلبة الألوان لن يهربوا أو ينقصَ منهم شيءٌ إن قامت فأرضعت طفلاً وغسَّلت آخر ووجَّهتْ ثالثاً واعتنت برابع ...لأن السبات والنبات في الحكايات ليس معناه الجمود والخمول بل معرفة عيش الحياة
أستودعك الله..
----------------------------------
لا أدري هل انتهتْ الحكاية أم أن جلنار لديها رأيٌ ثان ٍ ..أنتظرُ ذلكَ الرأي
----------------------------------
|
7-12-2007
15:10
|
|
جلنار الصغيرة
عضو مميز
|
قد قبلت هذا التصرف..
نعم.. نعم.. للرأي الثاني والثالث والرابع.. 
قد صار يا أحبتي الأعضاء بعد ما كان..
أن المارد أتى إلى جلنار الصغيرة... وأخبرها.. أن حي قد ذهب يفسد عقل علاء الدين كما قد أفسد عقله من قبل.. (أي: المارد )...
فحملت قدماي.. وسعيتُ سعياُ إلى علاء الدين المسكين..
ومن ثم إنني حين وصلتُ إلى القصر.. تفقدت الـسبعمئة إضبارة.. وجهزت يدي لخمسين طرقة باب >>>>>> مسكينة والله 
ولما دخلت... وجدت ممراً طويلاً جميلاُ...
قد اختفى منه الحجّاب.. وتكسرت الأبواب..  
ففزعتُ لما سيلاقيني.. إلا أن ذاكرتي أحضرت لي بيت شعر يقول:
في عالم الأساطير.... كل شيء يصير  >>> والبيت من البحر القصير.. 
إلى أن وصلت إلى غرفةِ ... قادني فزعي إلى أن اقتحمها اقتحاماً..
كان علاء الدين قد رمى التاج (على طايل يده)... وبعثر ثيابه الملكية..
منكـّس الرأس... بائس الملامح... 
ما القصة يا علاء الدين؟!! أخبرني.. أفصح... تكلم.. أسرع.. قل أي شيء.. عببّبببّببّبر..
بهدوء مميت.. نظر إليّ... ثم ابتسم.. أشرق وجهه.. ثم علا صوته.. وغدت ابتسامته قهقهة ً.. بانت نواجذه كلها.. وحتى أضراس العقل خاصته... 
  ..... عرفتُ أن حي قد فعل فعله معه... 
.
.
.
.
ناولته لوحة قد رسمتها... لما سيعترضه بالطريق الجديد الذي اختاره!
ومن ثمّ ولـّيت هاربة من معمعة الأساطير... وغرابة الشخصيات! 
.,
,,,,,,
,,,,,,,,,,,,,,
عمو الغاوي.. القادم أكثر.. 
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,
فـــ ـــمـــ ــــا ر أ يــــ ـــــكـــــ ـــــم...
إن دام فـــ ـضـــ ــلــ ــكــ ــم.. 
----------------------------------
....... هـَزُلَتْ !!
|
7-12-2007
17:36
|
|
أبوالحسن
|
مرحباً صغيرتي جلنار.
لقد قرأت في الأساطير أن زهر الرمان منذ أن برأهُ الله على أصابع الأغصان كان يتمنى التحليق والطيران..
وما زال في أمنيته تلكَ يعملُ حثيثاً أن يحلـِّق..

حتى أتى زمان ..لم يحلـِّق فيه الجلنار ..
بل أصبح ينبتُ من تربة السماء...

تحيات الأجداد ينقلها إليكِ جدكِ السابع عشر ..أبو الحسن..
----------------------------------
كلما فهمت ندمت ..
|
8-12-2007
12:50
|
|
حي بن يقظان
عضو مميز
|
بــيـــنــي وبــيـــن أنفسي الـــســـت!!!!!!
تلك الليلة جلسنا جميعاً إلى طاولة الحوار...إذ كنتُ بحاجة إلى إعادة ترتيب ملفاتي الذهنية والشعورية..خاصة وأن العام الجديد قد أصبح على الأبواب ..فدعوتهنَّ إلى حوار مفتوح وذلك في ساعة أرق ٍ داهمتني..وكنت أنا مدير الحوار الذي افتتحته بتساؤلي:
-لقد بلغتُ من العمر ما بلغت ..كان فيه الأجل هاجساً يلاحقني منذ بدأت أعقِل...ولكن حقيقة ظنية هي "الأمل" كانت دائماً تهيمن على ذلك الهاجس فتجدِّدُ فيكن-يا أنفسي- روح الطفولة المتطلعة بشغف إلى الغد...لكن لا أدري ما هو هذا الأمل الذي لا تفتأنَ متعلقاتٍ به؟عجباً لأمركن كيف ترينَ أن اللانهاية المزعومة أقرب وأوضح من النهاية المحتومة والآزفة في أي لحظة!!!؟أخبرنني ياأنفسي ...أيُّ غايةٍ تسعين إليها؟؟؟؟؟؟
قالت نفسي الأولى:
-ما هذا السؤال الغريب؟ أوليست الغاية واضحة وضوح الشمس..إنما نحن مسخـَّراتٍ لخدمة هذ الجسد الذي يحملنا ونحمله..فنحيا لسدِّ حاجاته..وإجابة رغباته ..وإمتاعه قدر المستطاع بملذات الحياة..
ردَّت عليها نفسي الثانية بقسوة:
-خرقاءُ وجاهلةٌ وفاجرةٌ أنتِ !!كيف نخدم ما ليس أصلاً منا؟؟
تهكمت النفس الأولى:
-ليس منا ؟إذن هو من غيرنا!! هل تزعمين أن يدي ورجلي وعيني ليسوا مني؟
-نعم ..نعم..ما الجسم إلا ثوبٌ نلبسه حتى إذا بلي ورث خلعناه عنا..فكيف نوجهُ حياتنا وغاياتنا لمجرَّد خرقة لا تلبث أن تبلى...إنما نحن نعيش لنكتشف ما في هذا الوجود من خباياوأسرار..فنجمع بدهياته ونكون منها نظرياتٍ نسعى إلى برهنتها؟تلكَ الحياة الكاملة ..أن نهبَ ذواتنا للعلم والبحث.
قالت نفسي الثالثة:
كنتُ أحسبكِ عاقلة ..كيف نضيع وجودنا الذي يعدُّ باللحظات والأنفاس في التفكير بما ليس منا؟وما ينفعنا إذا علمنا عدد جزر المحيط الهادئ..أو علمنا أن أناساً غيرنا يعيشون على كوكب آخر ..وما يهمنا إن كان المريخ فيه آثار حياة وماء أو لم يكن؟؟
ردت عليها نفسي الثانية:
-بل أنت الفارغة التي لا تعرف للعلم قيمة!!!
قالت نفسي الثالثة:
-لا بل أنت الخاسرة في علمك هذا!!لقد كنتِ ترين القمر من قبل فترينهِ ملهماً للشعراء ممعناً في الصفاء مشابهاً لوجه الحسناء ..حتى توصّلتِ-بعلمكِ- أنه كوكبٌ داج ٍ ومظلم ...يسرق نوره من الشمس وهو ليس إلا كتلة جرداء ممتلئة بالندب والأغوار ..فذهبت تلك الصورة الفتانة للقمر...حلت مكانها صورة من مساحات وأبعاد ..جافة الإحساس جدبة الشعور!!!
ردَّت النفس الثانية:
-اسمعوا إلى هذا الهراء يا ناس ...إنها تريدنا أن نتخلى عن العلم من أجل عاطفتها الجوفاء!!!
قالت الثالثة:
-لم أقل لكِ تخلـَّي عن العلم...ولكن خذي منه على قدر حاجتك..فإن العلم دواء يؤخذ بقدر الحاجة..فإن زادَ ضرَّ وأفسد ..وأجلى دليلِ على ما أقول الفساد الذي عمَّ الدنيا جرَّاء الفرط من تقديس العلم..تلوثٌ وأمراضٌ وانحباس حرارةٍ وأسلحة مدمرة رهيبة ..أما الأحساس والشعور فهو غذاءٌ لا يمكن الإستغناءُ عنه..وإنما نعيشُ من أجل الإحساس بالجمال وتذوقه في كلِّ ما حولنا ..حقيقة العيش أن نحيا مع الفنِّ والجمال
قالت النفس الرابعة وهي تتثاءب:
-يال السخف!!!!!!!!!!
انزعجت النفس الثالثة أشد الإنزعاج -وقد كانت مرهفة الإحساس-فقالت:
-هل تخبرينا أي سخفٍ ترينه لو تكرَّمتي؟! وإذا كنا لاندرك الجمال ..فلماذا نحيا إذن ؟!
قالت النفس الرابعة:
-وهلْ أنت حية الآن؟؟ لست سوى سجينة حياةٍ وهمية ولذاتٍ لحظية؟فإذا أردت الحياة فعليكِ بالحرية...حلقي في فضاءاتها وانطلقي إلى الحياة لتكوني بذاتك أجمل من الطبيعة ذاتها..
قالت النفس الخامسة:
إن فلسفتكِ غامضةٌ يا هذه!!أما وإن لدي فلسفة أوضحُ من فلسفتك..فعندي أن القبح والجمال في الحياة سيَّان...فكلاهما صورتان مجازيتان لا تغنيان عن الجوهر والأصل وهو الحياة ذاتها..
ضحكت النفس الرابعة وتهكمت:
-اللــه الله!! ماهذا الوضوح يا ست؟ أحسبك قائلة لنا:إننا نحيى من أجل أن نعيش وفسَّرت الحياة بعد الجهد بالحياة !!
ردت النفس الخامسة:
-لم أكمل كلامي بعد ..ما أردتُ قوله أننا علينا أن نقبل الحياة كما هي بحلوها ومرها ..بجمالها وقبحها فما الحياة سوى حلم قصير تتبعه يقظة دائمة فيها حياة الجمال الحقيقي بصورته وجوهره.......
*أما النفس السادسة فقد كنتُ-أنا-مدير الحوار..والذي سرعان ما غفلت عيناي في نومٍ عميق عن جدال أنفسي الباقية, فلما أحسستُ بصمتهن جميعاً..فتحتُ عينيَّ أريدُ أن آخذ دوري في النقاش ..لكني لم أرَ أحداً من حولي سوى جهجهة الصبح التي أطلتْ بنهار جديد..يقسم بإنه إذا مضى فلن يعود أبداً؟؟؟؟؟؟؟
لكم أنقى تحياتي ..مع إطلالة هذا اليوم الجديد
----------------------------------

تم تعديل هذه المشاركة بتاريخ 12-12-2007 الساعة 00:30 من قبل: حي بن يقظان
|
12-12-2007
00:00
|
|
غزل
عضو مميز
|
مرحبا
تحياتي لك اخي حي بن يقظان : اعجبني كثيرا الحوار الدائر بين انفسك الست ...... فهو يعبر فعلا عما يحدث في نفس كل منا عندما يجلس لوحده ويفكر في هذه الدنيا الفانية .... عندما نرى الايام تجري امام اعيينا ونحن نقف في مكاننا نركض وراء هذه الدنيا ولا نستطيع اللحاق بها .... ألهذا نحن احياء ؟؟؟؟؟؟؟
نسعى دائما ان نحسن من انفسنا لنستطيع التلاؤم والتأقلم مع هذه الحياة الغريبة المتقلبة المزاج .... فهل نقبل بهذه الدنيا بحلوها ومرها ( كما قالت نفسك الخامسة) ؟؟؟؟
بالنسبة لي انا من رأي النفس الثالثة ....ان تأخذ من العلم على قدر حاجتك ...... وان لا تستغني عن المشاعر والعواطف وتسعى للجمع بينهما ........( مجرد رأي شخصي )
لكم تحياتي مع اطلالة عامي الجديد اليوم......
|
12-12-2007
21:22
|
|
حي بن يقظان
عضو مميز
|
عندما قررت أن أنتحر!!!!!!!!!!!!!!"فيلم رعـــــب"

مرَّت عدة ليال وأنا أشعر أنَّ فكري لم يعد نافعاً لي مع أزمة اللا فكر التي تجتاحُ هذا الزمان وتعربدُ في العقول المفكرة فتنسف لها منهج التدبير.. وتحصرها في خانة التدمير...وبعدَ جلسة مطولة مع أنفسي الست والتي اتحدت –لأول مرة في حياتها- في نفس واحدة وأزمعت على إهلاكي ..فراحت تبثُّ لي وتنفث في صدري تصوُّراتها السوداوية عما حدث وما يحدث وما سيحدث..وبأن أفضل حلٍّ لمواجهة قمع الحياة هو الهروب منها والخروج من بوتقتها..وكانت تعلم أن هذا الكلام لا ينطلي عليَّ بتلكَ البساطة ,خاصة وأني أتيتها بستين دليلاً على أن ما تتفوَّه به هو محض هراء ,أقلُّ تلكَ الأدلة شأناً أنها مهما طالت وقَصُرت وروت وتفلسفت ..فهي أمَّارة بالسوء وهي أعدى عدوٍّ لي.....لكنَّ قوَّةً شيطانية جبَّارة قد تملَّكتـْها فأتتني هي الأخرى بستين دليلاً وحجَّة ترسِّخ في ذهني فكرة الفرار والإنتحار كان أصعبها ..تخلّي الأصدقاء وغدر الأحبة ..ثمَّ باغتتني في لحظة تشتُّت فكر وانكسار فؤاد ووجَّهت لي الضربة القاضية ..

وهي أنني مجرَّدُ فكرة ميِّتةٍ على الورق قبل أن تموت ..وإنَّ انتحارها وعيشها سيَّان...سوى أن انتحارها يجلبُ لها راحةَ العدم ويخلِّصها من أعباء الوجود....

ولاحَ لي فجأة ً قصرٌ عظيم ,بديع العمران جدرانه مطليَّة بالفضة وموشّاة ً بالذهب مزخرفٌ بخطوطٍ تضيءُ في شعاع الشمس سألتُ نفسي عنهُ فقالت :
"هو قصر اليأس وهو ملاذ الفارِّين من مقارعة الحياة ....هيّا انتحر ولا تضيِّع الوقت في مزيد من الشقاء,واللهِ لو كنتُ أنا أنتَ !!!لأقدمتُ وما تردَّدتُ أبداً..."
هيمنتْ عليَّ تلك الفكرة القاتلة.. وانجذبتُ بروحي إلى ذلكَ القصر المنيف...فاستجمعتُ كلَّ قوى الشرِّ في داخلي وخرجتُ أقصدُ الجبل أريدُ أن أتردّى وأنهي فصول حكايتي ..
رأيتُ في طريقي شجرة عظيمة حوَّلها الجدبُ إلى حطامٍ ينتظر القدُّوم لتنامَ بعدها وترتاحَ في دفْء الموقد ..فلوَّحت لي وباركت لي ما أنا مقدمٌ عليه قائلة:
"إذا يبست الشجرة من الخارج ونضبت من الداخل.. ماتت حكماً,والنار أولى بها"
ثمَّ رأيتُ جداراً ترابياً متهلهلاً يوشكُ أن ينهار لأدنى هبَّة ريح ...فناداني هو الآخر:
"إذا تهالكَ الجدارُ وأصبحَ عالة ً على ظهر الأرض ... فبطنها خيرٌ لهُ من ظهرها"
كانت تلكَ النداءات الهدَّامة تحثُّ قدميَّ المثَّاقلتين على الإسراع والجدِّ في طلبِ الهاوية - وهكذا الإنسان يجدُّ وراءَ هاويتهِ فلا يكلُّ ولا يضنى,فإذا دلَّهُ ضميرهُ على درب النجاةِ اثَّاقلَ إلى الأرض وتشبَّثَ بإزار الأمل والأماني-.
وقفتُ أمام الجبل الذي سأتردى منه فوجدتهُ عالياً ومخيفاً فعزمتُ على أن أعودَ
أدراجي   
لولا أن نفسي الحمقاء بدأت تنطق بالحكمة  :
-ويحكَ مالكْ؟!"ومن يتهيَّبْ صعودْ الجبال ِ ***يعش أبدَ الدهر بين الحفرْ"...ألا تدري أن النسر إذا شعر بدنوِّ أجله ..طارَ وعلا وغابَ بين الشواهق والجبال حتى إذا شعر أنه ارتقى إلى علو ٍ لمْ يسبقهُ أحدٌ إليه...أفلتَ جناحيهِ في لوح ِ الجوِّ وأغمض عينيهِ منتشياً بظفر الإنتحار..تاركاً العيش للجبناء .
-تالله إني لأعلمُ أنكِ كاذبة ..وأن مقالتكِ حقيقة أريد بها باطل..وإن كنتُ سأنتحرُ الآن ..فلأجل أن أتخلص منك فقط. .أطلبُ منكِ أخيراً أن تصمتي ,وتتركيني أستمتعُ ببعض الهدوء أثناءَ انتحاري. .
----------------------------------

تم تعديل هذه المشاركة بتاريخ 1-2-2008 الساعة 21:29 من قبل: حي بن يقظان
|
1-2-2008
21:26
|
|
حي بن يقظان
عضو مميز
|
شرعتُ بصعود ذلكَ الشاهق حتى تمطـَّيتُ ذروته..وصار بيني وبين الأجل قاب قوسين أو أدنى ..شعرتُ حينها بأنَّ قلبي توقف عن النبض قبلَ أن أتردى ..وحتى لطماتُ الرياح هناكَ خذلتني وسكنتْ ..وكنتُ كلما نظرتُ إلى الأسفل خـُـيِّـلَ لي أن الجبل أخرجَ ذراعاً من جعبتهِ ليتلقـَّاني بها..واحتدم صراعٌ في صدري بين نوازع الخير التي ضعفت باستهتاري ونوازع الشرِّ التي تفرعنتْ لمَّا تركتُ لها الحبلَ على الغارب..وكان النصر للأقوى. .إذ أن الإنتحار ليس سبباً للموت بقدر ما هو نتيجة ٌ أخيرة لاستبداد الشرِّ داخل الإنسان.
شعرتُ برغبة في الغناءِ في الأعلى فاستقبلتُ الوادي بعينيَّ المتلظيتين وفتحتُ ذراعيَّ تلثمان ِ آخر النسمات في عمري وانهمكتُ بالبكاء والنشيد الذي راحَت تردِّدُ رجعَهُ جنباتُ الوادي :
أنـــاْ نــعـْـشٌ ,كـــانَ لهُ الفِكـْرُ قـبْـراً*******ضيَّعَ العـمْـرَ في الأمانـيِّ هـذرا
أقـْفرَتـْني خـواطـرٌ موحـــشـــــــاتٌ*******تنشرُ اليأسَ في دروبـيَ نــشْرا
عامــرُ الجـسْـم ِ,فــارغ ٌ مـن حـياةٍ *******طللٌ في القفر ..يزيدُهُ قـــفـْـــرا
غـُصُـــنٌ يـــابـــسٌ ,بــِـعـــودٍ نخير ٍ*******تمكرُ الريـحُ أن تــســـوءَهُ كسْرا
سَرَقوا لـبّــي من ضــلــوعــي فــأمْســــــيْتُ قشوراً أستوعبُ العيشَ قشْرا
نَــفَـــضَ الــعــيْـــشُ كفــَّهُ من فؤادٍ*******أسـدَلَ الـيـأسُ فوقَ رانهِ سِتْرا
                
-------------------------------
شعرتُ بأن شيئاً ما يتحرَّكُ تحت قدمي ,وسمعتُ صوتاً جهورياً يقرِّع في أسماعي
وكأنه الصيحةُ قد جاءت تعذبني ولكنها أتت من تحتي على غير العادة لتنهرني فتقول:
-"اصمت ويحكْ...لقدْ خرَّشتَ آذاني بصوتكَ النشاز ومعانيكَ البالية...من أنتَ أيها الإنسان المجنون حتى تمتطي ذروتي ثائراً على كلِّ القوانين التي رسمها الخالق لإسعادكَ لا لشقائكَ يا ذا الفكر المأفون.  .؟!!
أأعْيَتْ كاهلكَ حفنةٌ من صغار الهموم فاستسلمتَ لها بكل جبن ,وهاأنا الجبل أفنيتُ آلافاً من القرون ..ونزلَ عليَّ من الخطوب صواعقَ وزلزلزاتٍ وعواصفَ صرصراتٍ عاتية..فصبرتُ على ذلكَ كلِّهِ صبرَ عبدٍ منتش ٍ بعبوديتهِ لا صبْرَ أجير ٍ ينتظرُ الأجرَ والثواب ...دعكَ مني .. وانظر ما بين قدميك ماذا ترى؟؟؟"
-"سبحان الباري !!!إنها زهرة أقحوان ٍ صغيرة نابتةٍ من صخرةٍ جرداء ,طريَّة العودِ نحيلةَ القوام تتلاطمها النسماتُ من كلِّ جانب ويُلهبُ وجهها البردُ والصقيع!"
-"أدن ِ أذنكَ منه وأصغ ِ إليها..هاه!ما تقولْ؟!
-إنها تنشدُ بصوتٍ خافتٍ رقيق ٍ فتقول:
طابــَتِ الأرواحُ يا دنــيـــا دعـيــنـــا ******لستِ منا يا سرابــاً فاهجرينـا
أنــتِ وهْـــمٌ ظــنــَّهُ الــظـمـآن ماءً******أنتِ ساعاتٌ ..ونحنُ الخالدونـا
ســاءَنـــا أنَّـــكِ -يـــا دنيا- خــــرابٌ******ســرَّنـا أنَّكِ إنْ تـَفـْنـَيْ ..بَقِـينا
فـَدَعِــيــنـــا نــمـــلأ الآفــاقَ بـِشْراً******ونغنِّي في صدور ِ اليائسينــا
"طـُـر ِدَ الـهــمُّ خَـزيَّــاً من نفوس ٍ******نيِّــراتٍ ..لأنــاس ٍ طائــعــيـنا"
إنَّما الـعَــيْشُ الـتـخـلــِّي عن عقار ٍ******ليسَ عيشاً أن نكون المالكينا
عيشُ عبدِ المال ِ دوماً في اعتكـار ٍ******ومحالٌ عيشُهُ أن يـسْتــكـينـا
كُـتــبَ الـهـمُّ علـــيــنـا فاحـتـمـينـا******بالرِّضا لا نشتقي مهما رُزيـْـنـا
زادنــا الـمــولـى جــمالاً فاحـتـجَبْنا******فضياعُ الحسْن إنْ نحنُ جُلِـينا
زادنـــا المولـــى دلالاً فــبُـلِــيــنـــا******حسبنا دلـــََّلـً بأنـَّا قـدْ بُــلِـيـنا
إنـمــا الــبلوى من الـمولى عطــاءٌ******حسبنا -يا ربُّ- أنـَّا قد رضينــا
----------------------------------------
لم أدر ِ بعدما سمعتُ النشيدُ ما أفعل!!!أأنثني طرباً على هذهِ الترنيمةِ التي رتَّلتها تلكَ الزهرة بمزمار ٍ داووديٍّ ينشقُّ لجرْسهِ سمع السماءْ؟؟!!!أم أنني أخلع نعلي وأنهالُ على نفسي السقيمة بوابل ٍ من الصفعاتِ لسوءِ ما سوَّلتهُ لي .
لكنَّ زهرةً أنارتْ في فؤادي جعلتني أضحكُ حتى الثمالة ليصيحَ جميع من سمعني:
"جُنَّ حيُّ بن يقظان !!!جُنَّ حيُّ بن يقظان !!!!!"
الــــــــــــــ ــــــــنـــــــــــــ ــــــــهــــــــــ ـــــــــــايـــــــــــ ـــــــــــة
----------------------------------
|
1-2-2008
21:30
|
|
حي بن يقظان
عضو مميز
|
بين يدي المعري!!!(1)
انتهت إلى مسامعي في الآونة الأخيرة اتهاماتٌ بأني جنحتُ هاهنا إلى ضرب ٍ من ضروب الفلسفة...فأغاظني ذلك وهممتُ أن أدحض تلكَ الأقاويل ..إلا أنني وقفتُ للحظةٍ مع نفسي فاستعذبتُ تلكَ الفكرة....
ولماذا لا أكون فيلسوفاً؟! وها هي الأصابع تشير إليَّ فتقول:"إنظروا إلى هذا ...إنه يتفلسف !"...فلماذا لا أصدِّق هذه الأشارات ولا يكلــِّفني الأمر سوى أن أشعِّثَ شعري وأطلق لحيتي وأعفــِّرَ ثيابي بالتراب ثمَّ أرتدي قبَّعة ً سوداء ومعطفاً رثــَّاً يجرجر طرفه على الأرض...وللوصول إلى عمق الصورة الفلسفية أمتطي حماراً بالمقلوب...ليسَ اقتناعاً مني بنظرية التجريص ...ولكن من باب إدارة الظهر لعجلة الزمان سيما وأني أكون ممتطياً ظهر حكيم الزمان....وبذلكَ أصبح فيلسوف العصر بكلِّ سهولة.... 
ولكن لا!!! إن ذلكَ لا يكفي فإن أدنى عاقلٍ سوف يكتشف لدى أصغر اختبار أني مدِّع ٍ للفلسفة..فإن اختبرني مثلاً فسألني..واحد وواحد كم يساوي...فأجبت بدون تفكير "اثنان" لاتضحَ لديه بالدليل القاطع أني لستُ فيلسوفاً وذلكَ لسببين:*أولهما أني أجبتُ على عجل ٍ بدون تفكير ..بينما كان عليَّ قبلَ أن أجيب تمرير المسألة في الطريق المنطقي للتفكير والذي يبدأ بالإدراك الحسي ..ثمَّ التجربة..فالمقارنة..ثمَّ التأمل والتعليل..ثمَّ القياس والإستنتاج..وأخيراً الحكم...
*أما السبب الثاني فلأنني أجبتُ بالحقيقة ..وإن من شأن فلاسفة هذا الزمان أن يتطرَّقوا لكلِّ الاحتمالات إلا الحقيقة..أما إن أعاد سؤالهُ فأجبتهُ بأن الواحد والواحد ليس اثنين..لابتسم في وجهي ابتسامة المتهكم...ثمَّ طالبني بالبرهان ..فكيف يمكنني اثبات صحة ما أنا مقتنعٌ أنهُ خطأ...وما هو خطأ أساساً سواءً اقتنعت بذلكَ أم لم أقتنع..  ؟!
لذلك ودرءاً لمثل هذه الحالات ..قرَّرتُ أن أتتلمذ لدى شيخ من أشياخ الفلسفة فآخذ عنه ما أستطيع به أن أخـلــــِّص نفسي من المواقف المحرجة على الأقل..لكني وجدت عامة فلاسفة هذا العصر على شاكلتي ...لا يعرفون من المنطق إلا نقض جميع ما بناهُ الذين من قبلهم...وعلمت أن أستاذهم في ذلكَ وجهبذهم هو "حكيم الزمان" صاحب النظرية الشهيرة بأنَّ:"الإنسان حيوانٌ بائس " والتي عدَّلها مؤخراً بأن:"الإنسان حيوانٌ متمرِّد "...وهو صاحب الفضل في إبداع نظام ٍ سمّاه "العولمة" بغرض تفريغ جيوب الناس من محتوياتها..مكمِّلاً مسيرة أحد أجداده "الحكماء" الذي أبدع ما يسمَّى بال"علمانية" بغرض تفريغ جماجم الناس من محتوياتها..
لذلكَ قرَّرتُ أن أبتعد عن فلاسفة العصر وشيخ أشياخهم "حكيم الزمان" ..وأنهل الفلسفة من منابعها الأصيلة "أفلاطون وأرسطو..والفارابي وابن سينا..وابن رشد وميكافيللي.....الخ" وذلكَ لأكسب فلسفتي شيئاً من المصداقية.
فبدأت البحث في مؤلفاتهم وأقرؤهم واحداً تلو الآخر فأفهم النزر اليسير ...وأضع إشارات الإستفهام حول الكثير الكثير "حتى شعرتُ بأن رأسي صادعٌ كالمِرجله"
إلى أن وقعت عيني على مؤلـّف "رسالة الغفران" للمعري ففرحت واستبشرتُ وقلتُ: "هذا فيلسوفٌ يرطـّب فلسفته بشيءٍ من الشعر فيدفع المللَ عن الباحث ويجعله يقبل على البحث بشوق ٍ ونهم..."
لم يمض لحظاتٌ على فتحي للكتاب..وإذ ...  !!!!!!!!!
----------------------------------
|
15-2-2008
17:13
|
|
حي بن يقظان
عضو مميز
|
بين يدي المعري!!!(2)
وإذ بأبي العلاء في شحمه ولحمه وبؤسه ويأسه بين يدي وجهاً لوجهٍ مكفهرِّاً غاضباً راح ينتهرني:
-"من أنتَ يا هذا حتى تقطع عليَّ وحدتي وانعزالي عنكم يا بني البشر...ألم يكفني ما نالني من دنياكم حتى تتبعوني بأذاكم إلى آخرتي ...؟ !!"
جزعتُ من هيبة ذلكَ الحكيم الضرير وبادرتُ بالإعتذار قائلاً:
-"عفوكَ يا إمام...ما كان قصدي تعكير عزلتك...ولكنني فتىً سقيم الفكر أحببت النظر من بعيدٍ إلى مذهبكَ في الحياة لعلي أجد دواءً لعلِّتي وشفاءً لسقمي."
-"أقلقـْتَني وانتهى الأمر...فهاتِ ما عندكَ وأوجز المسألة ثمَّ اهجرني مليّاً".
-"وصلَ إلينا أنك فيلسوف لكَ مذهبٌ في هذا العلم ..وأودُّ أن أعرف منكَ ما أبعاد ذلكَ المذهب وما مبادئه ".
-"من أوصل إليك ذلكَ الخبر أحد اثنين: إما مغرضٌ كذَّاب أو مبالغٌ مُرتاب..فأنا لم أمتهن الفلسفة وإن كنتُ من محبي الحكمة..ولم أبن ِ مذهباً في هذا الشأن وإن كان لي آراءٌ متفرِّقة في الحياة تحدَّثتُ عنها بشعري دون أن أرفقها بالأدلة الكافية حتى تصلح لتكون مذهباً ..ناهيكَ أني لم أتطرَّق للبحث في قضايا الفلسفة الكبرى"
-"ولكنَّ كثيراً من الآراء وصلتنا منك ..تبحث في النشأة والروح والقضاء والقدر والموت والبعث...حتى راح البعض يشكك بإيمانك وعقيدتك سيما وأنك كنتَ تطرح آراءكَ وانتقاداتك بإسلوب متهكم ساخر يوحي ظاهره بضعف الإيمان".
-"قـُطِع لسانُ كلُّ من تسوِّل له نفسه أن يشكِّك بإيماني أو يطعن بعقيدتي ...ثكلتهم أمهاتهم جميعاً..ألم تصل إلى أسماعهم مقالتي:
بوحدانية الرحمان دِنــَّا****فدعني أقــْطع الأيام وحدي."؟
-"اللـــه...هذه مقالة لو سمعها أخي مسعود منكَ بالذات لحسدكَ عليها أيما حسد...
ولكن إلى جانب هذا البيت هناكَ الكثير من الأقوال والأبيات التي تثير حولك الظنون ...خذ مثلاً:
تحطِّمنا الأيام حتى كأننا ****زجاجٌ ولكن لا يُعادُ لنا سَبْكُ.
وأيضاً:أمَّا الجسوم فللتراب مآلها****وعييتُ في الأرواح أين تروحُ؟."
-"إنا للـــــــــــــــــه...هكذا أنتم يا معشر الناشئة...مولعون بالشك,وبكلِّ ما يسوق إلى الشك...غافلين عن كلِّ ما هو واضحٌ وجليّ...ألم يبلغكَ من أسمعكَ تلكَ الأبياتِ..أبياتاً لي أخــَر...واضحة المعنى راسخة الإيمان كقولي:
إذا ما أعظمي كانتْ هباءً ****فإنَّ الله لا يعييه نشْـري
وقولي:إن كان نقلي من الدنيا يعود إلى****خير ٍ وأرحبَ فانقلني على عجل ِ
أما قولي:"ولكن لايعادُ لنا سبكُ" فلأنني مقتنع بأن البعث يكون في خلق ٍ جديد.
ومقالتي:"وعييتُ في الأرواح أين تروحُ"ففيه أني أرى الروح غير الجسد ..وأني لا أدري ما طبيعتها وما شأنها وذلكَ لأنها من أمر الله ومن غيبه...فإن ادعى الباحث الإنصاف كان عليه يمعن النظر في أقوالي كلها دون التمييز....
هل لديكَ شيءٌ آخر ..فقد أطلتَ عليَّ وكنتُ أوصيتكَ بالإيجاز"
-"لا..لا...بل شيءٌ أخير...أصدقكَ القول بأنه ليس لي مأربٌ بالفلسفةِ لا من قريب ٍ ولا من بعيد..وإن كان أصلي فكرة فلسفية محضة ابتكرها ابن سينا ..وقولبها ابن الطفيل...فلستُ الآن إلا خاطرةً ساذجة نتيجة ً للوثة ٍ شطحوية..في خيال فتىً مدَّع ٍ للحكمة:
"عامرُ الجسم فارغ ٌ من حياة ٍ****طللٌ في القفر يزيدهُ قفـْرا"..
ويدفعني الفضول لسؤالكَ هاهنا عن سرِّ يأسكَ وتشاؤمك الذي سيطر عليكَ طيلة حياتك.؟!"
-"واللهِ..ما صاحبكَ الذي ذكرتَ بأقلَّ تشاؤماً مني....إنَّ أحدكم يكون صحيحاً معافىً موسراً فإذا أصابته أدنى نكبةٍ ناحَ وبكى وقلبَ الدنيا همَّاً ونكداً..
فما قولكَ برجل ٍ يحملُ في صدرهِ طموح العباقرة ونفسَ الجبابرة إذا وجد نفسهُ كفيفَ البصر مجبَراً على العزلة ...محروماً من نشاط الحركة...مرغماً على الزهد ...محجوباً عن المجد ...يائساً من الناس....
لا أنكرُ أنَّ لي هفواتٍ وأغلاط ..إذ لم أرقَ في حياتي إلى مقام الصدِّيــقــيِّـة..شأني في ذلكَ شأن غالبية بني البشر...لكنني لم أشكَّ في يوم من الأيام بوجود الله وعلمه وقدرته وحكمته..مصداقُ ذلكَ قولي:
"وليسَ يــُظلـِمُ قلباً****فيهِ للــُّبِّ جذوهْ"
-"إن هذا القول يشابهُ ما حدَّثت عنهُ جلنار يوم سألتني عن المحجة البيضاء..
لم يأبهِ الشيخ المعري لمقالتي ولم ينتظرني حتى أتمَّها...وسرعان ما غاب بين الأسطر وصدى نشيدهِ يقرِّعُ في أذني:
"تعبٌ كلها الحياةُ فما أعــــــــــــجبُ إلا من راغب ٍ في ازديادِ"
" .. .. .. .. .. ** .. .. .. .. ..
----------------------------------
|
15-2-2008
17:14
|
|
حي بن يقظان
عضو مميز
|
عطفاً على موضوع "دخيل نبيك لا تنسَ ماضيك" المتعلِّق إلى حد ما بسؤالي الذي طرحتهُ مسبقاً "من أنت أيها الإنسان؟!"
وأثناءَ جلسة مصالحةٍ ذاتية جمعتني مع نفسي ,باغتني الماضي متأبِّطاً كلَّ الذي أسلفتُ من أعمال والذي اقترفتُ من آثام ..جاءَ محمولاً في عيون وألسنة الناس الذين كان جلُّهم من أقرب الأقرباء ..وقد أغاظتهُ تلك الحوارية الحميمية مع نفسي واستشاط حسداً وغيرةً ..ثمَّ راح يقرِّع رأسي بأشياء كنتُ أحاول نسيانها جاهداً..:
"بئسَ الفتى أنت يا حي ..أولستَ من فعل كذا يوم كذا ..ألست من قال كذا ساعة كذا...ألستَ ابن فلان ..أوليس جدُّك من ارتكب تلك الحماقة...,,,...،،،،،،,,.و.,,,,',',.,..,'':،:':،.',.'.'.'.'.''"
وما زال يعدِّدُ ويفنِّد حتى انتفخَ بطني,وبدأ يحكَّني جلدي ,ثمَّ بانت جميع نواجذي من الغضب "حسبَ تعبير جلَّنار البديع" ثمَّ انفجرت غضباً:
"نعم ...نعم... ...ونسيتَ أني خرجتُ من مخرج ِ البولِ مرَّتين ..ونسيتَ أني أحملُ في جوفي عَذَرة ً لو خرج ريحُها لأنتن الخافقين ..ونسيتَ أنِّي أُدخِلُ الطيِّبَ وأخْرجُ الخبيث..ونسيتَ أني إذا نِمْتُ شَخَرْتُ..وإذا استنشقتُ زفرْتُ..وإذا عطستُ استنثرت..ونسيت أنّه تدميني شوكة..وأتهالكُ للسْعةِ بعوضة..وينفد صبري أمام أزيز ذبابة..ونسيتَ أنني إن جعتُ قرقرَ بطني ..وإن مرضتُ انهدَّ بدني ..وإن نعستُ تبلَّدَ ذهني ..ونسيتَ..ونسيتَ... "
"ولكنكْ تظلُّ رجلاً طيِّباً ومسكيناً يا حي !!!
.
,
.
.
بدَّك شي ..مخاطرك -"
فرَّ الماضي من أمامي وكلُّ ظنِّهِ أنهُ قد أصابني مس..أو أني غيرُ عاقل ٍ أصلاً.
تحيَّاتي للجميع..وعذراً على استمرار فصل الثرثرة
----------------------------------
|
16-3-2008
15:03
|
|
حي بن يقظان
عضو مميز
|
كانت سهرةً مع إبليس!

من الطريف أنَّني لم أشرعْ بكتابة هذه المقالة إلا بعد أنْ قضيتُ لبطني حاجتهُ مِن الشبع ولنفسي وطـَرها من طيِّب الطعام ..لكأنني عندما قمتُ بمل ء شرَّ وعاءٍ يُملأ ..كنتُ أدعو الشيطان بذلكَ ليكون نديمي ,فإنه لا يـقربُ نـفساً إلا إذا وجد
فيها شـرارةً من نارهِ ..فيبدأ بالنفخ ِ والنفث على تلكَ الشرارة حتى تنبعثَ ناراً ..فإذا اتقدت وانبعثت زاد من نفخه وتهييجهِ لتلكَ النار حتى تتلظَّى في قلبِ المرء
وتدفعهُ بكلِّ جوارحه لمقارفةِ الإثم ..فإذا وقع وفيه بردتْ النار مخلِّفةً في فؤاد العاصي حروقاً سرعانَ ما تتقيَّحُ وتنتنُ فيصبحُ قلب العاصي كالجيفة المنتنة غيرَ أنَّها لا تُشَمُّ من قبل صاحبها لأنه حقيقٌ على من يعايشُ النتن ألا يشمَّه .
أو لكأنَّ الشيطانَ أرادَ أن يكتبَ عن نفسه ,ولم أكن إلا القلم الذي سيخطُّ بهِ حديثهُ .
وقدْ بدأتْ القصَّة من لدن خيالي الطائش ,الذي رماني الليلة في وادي إبليس وتلبيساتهِ لابن آدمَ وتربُّصهِ لهُ على كلِّ مفرقِ طريق ٍ ..وكيفَ يُبدعُ في زخرفة وتزيين الرذائلِ و يلبسها لباس الفضائل ,ثمَّ يُقبِحُ جواهر الفضيلة فتصبحَ في أعين المرء أحجاراً وأثقالاً.
وكيف يعيش أبد الدهر ماكراً ومراوغاً ومسايساً ,يتمسكن ويتظارفُ ويتجمَّل ..فيجيءُ أحياناً على صورة غيداءَ فاتنة تفسِّر للقلب معنى الجمال بحسنها ,وتفسِّرُ للعقلِ معنى الدهاءِ بفتنتِها.
ويجيءُ مرَّةً أخرى على صورة مفكِّر ٍ متحرِّرٍ منفتح العقل ,يبحرُ في خضمِّ العلم ,حتى يحيطَ به من أطرافه ,ثمَّ يدَّعي أنَّ علمهُ ذلكَ هو غاية العقل الإنساني ومعنى وجوده .
وما العلم والعقلُ والرابطُ بينهما إلا النافذة المطلَّة على الله,فإن لم يعمل العلمُ أن يكون تلك النافذة ,أصبحَ عدمهُ خيرٌ من وجودهِ .
وهكذا انهمكتُ في تلكَ التصوُّرات عن إبليس ومكرهِ حتَّى أعيى عيوني السهر ,وأصبحتُ في حالةٍ بينَ اليقظة والمنام.
فلاحَ لي شيخٌ جليلُ الطلعةِ وضيءُ الوجه لابسٌ ثيابَ الزهّاد ومؤتزرٌ بإزارهم,لهُ لحيةٌ وافرةٌ نيّرة ,وغرَّةٌ محجَّلةٌ تبرزُ من تحتِ عمامةٍ بيضاء ,كأنها تاجٌ لملَاكٍ أو لواءٌ منعقدٌ لولي.
ولقدْ هممْتُ أن أرتمي على يديهِ فأقبِّلهما وأتمسَّحُ بهما,لولا أنني رأيتُ في عيونهِ صدقاً مُرعباً , وكان من صدقهما أنهما تصرِّحان فتقولان:"لا تصدّقه فإنَّهُ كذاب ..إنه إبليس"
وقد علَّمَني بعضُهم أن العيون مرآةُ القلوب ,وأنَّ المرءَ يكذبُ من مفرق رأسِهِ إلى أخمص قدميهِ لكنَّ عيونهُ لا تكذب ,ولهذا كانَ المسيحُ الدجَّالُ أعورَ ,وكانت العين هي الحد الفاصل بين الحقيقة والباطل..
امتعضَ عندها وجهي وتغيَّرَ لوني ,وتحرَّكَ لساني بالشتيمةِ والزجر:
-((لعنكَ اللهُ يا عدوَّ الله وعدوَّ نفسهِ,ما ألبسَكَ لباسَ الزُّهَّادِ وأنتَ أميرُ الفسَّاق ,وما جعلكَ تأتي بهيئة الصالحين وأنتَ أفجر من عليها؟!!))
-((ها..ها ..ها..تعساً لكَ ولحماقتك..وكيف أتجلَّى لكَ ولغيركَ بصورتي الحقيقيِّة فتعرف أني عدوُّك فترجمني أو تهجرني مليّاً ؟!
ولو أني كنتُ آتي الناس بوجهي الحقيقي لوجدْتَني الآن كرةٍ بين أقدامِ الغلمان يتقاذفونها فيما بينهم..لكنني آتي الناس بأحبِّ الصور إليهم ,فإنَّ الصور تجذبُ النفوس وتلهييها عمَّا حملتْ من قِيَمٍ وما اعتقدت من شرائع.
-((ما ألعنكَ وأذمَّك! تحدُّثني بصدقٍ عن مسالكِكَ وأبوابك ..حتى أعتقدُ جازماً أنه لا مناص منكَ ومن الوقوع في شباكك ,فأقنطَ من همَّتي وتفتُرَ عزيمتي ,أفوِّض أمري لكَ فأكونَ بعلمي فيكَ أشقى من الجاهل بك..))
-((هههههههه,إنَّ ادعاءك المستمر للمثالية والقدرة على التملُّصُ مني ...أجلى دليلٍ على ضعفكَ وخضوعكَ لحظِّ نفسك من الغرور..فمن بالغَ في ادِّعاء شيءٍ أنهُ فيه ,لا يعدو عن كونه أحد اثنين "صادقٌ مغرور ,أو كاذبٌ أثيم"ولا أراكَ إلا من الصنف الثاني, مع أنَّ الصنفين يندرجان تحتَ لوائي وفي حزبي..))
-((لعنكَ الله و حزبك معاً..أني أعلمُ أن خيرَ وسيلةٍ أجادلك بها فأفحِمكَ هي الصمت ..انصرف عني عليكَ من الله ما تستحق)).
-((لا..لن أنصرف عنكَ حتى تدعو الله أن يرحمني..ههههه))
-((الرحمة! أيَّ رحمةٍ تريدها يا ملعون ؟! إن رحمتك يا هذا في لعنك ,كالنار التي لا ترى رحمتها إلا في المزيد من الوقود ..وأرى أيضاً أنَّني سأرحم الكون بأسره إن أمسكتك الآن ثمَّ طرحتكَ أرضاً وأشبعتكَ ضرباً ولكماً حتى تزهق روحك الخبيثة بين يدي.))
رأيتُهُ أمامي شيخاً ضعيف البنية هزيل القوام ,فأخذتُ بتلابيبهِ ,وهممتُ بخنقهِ ثمَّ رميهِ صريعاً على الأرض,لكنني لم أسمع إلا قهقهته المدويَّة من حولي والمقرِّعةُ في رأسي
استيقظتُ مدهوشاً فإذا أنا ممسكٌ بتلابيب نفسي. 
----------------------------------
|
24-3-2008
19:09
|
|
jassas
عضو مميز
|
كلام جميل وقصة ظريفة وخيال خصب أرجو من الله أن لا ينضب لتُتحفنا بهذا الحديث
الشيق ......... حديث الروح
----------------------------------
.....الحياة.... كلمة....
|
24-3-2008
20:59
|
|
حي بن يقظان
عضو مميز
|
لمَّا أكل آدم عليهِ السلام من التفـَّـاحةُ ..هاجَ الناسُ وماجوا ..وكانوا وقتها نسائمَ تطوف في صلبهِ لها اجتماعاتٌ وتحز ُّباتٌ مثلَ وقتنا الراهن غير أنَّهم كانوا قريبي عهدٍ بربِّهم ..كأنَّهم على قلب رجل ٍ واحد...إلى أن نسي آدم عليهِ السلام فأكلَ من الشجرة المحرَّمة عليه وعلى زوجه حوَّاء ..هنالكَ اضطرب الناس في صلبهِ ثمَّ تفرَّقوا شيعاً ومذاهباً ..منهم من اعتذر لأبيهِ ..ومنهم من قال:
"مال ِ أبينا..أودى بنا في خطئه..وكتب علينا العذاب في نسيانه..لو كانَ صبرَ لكانَ خيراً له ولنا..عجباً عجبا..كيفَ تغوي تـفـاحة ٌ واحدة رجلاً آتاهُ اللهُ جنـَّة عرضها السموات والأرض ..أتكون جنة وتفاحة في كفتي ميزان ٍ واحد ثمَّ ترجح التفاحة؟ "!"
ردَّ عليهم آخرون:
"ويحكم لا تظلموا أبانا ,إنَّ ميزانكم هذا عقليٌّ صرف ,ألا وإنَّ للنفس ميزاناً آخر ..فهي خاضعة ٌ لمزيج ٍ من الضغوطاتِ الداخليَّة والخارجية التي تدفعها إلى الإثم ِ وهي تظنُّ أنـهُ عبادة ..ومن أجلى تلكَ الضغوطات –حوَّاء-زوج آدم ورفيقتهُ في النعيم الذي كان فيه..لولاها ما نسيَ ولا ضعـُف ولا كان زلَّ أصلاً..وإنَّ جنسها على شاكلتها يُخرجنُ الناسكَ من جنة صومعتهِ إلى هاويةِ الإثم وهو فرحٌ بذلكَ مسرورٌ , غير مدركٍ أنه خرج من محراب التصوُّف إلى محراب الفتنة الأنثوية ظـنـَّاً منهُ أنَّ المحرابين موجِّهين لذات القبلة ..
لذا حاصروا بناتِ حوَّاء واقعدوا لهنَّ على كلِّ مفرقِ طريق ..حتى لا يبقى لإحداهنَّ متنفـَّس ..فإنَّها إن تنفـَّست غوت فأغوت.."
صاح بهم آخرون:
"ارفعوا عن حوَّاء وبناتها الظلم..فإنـَّها مسكينة ٌ ضعيفةِ العود رقيقةِ الروح كغصن البان ينثني لأدنى نسيم..إنـَّما المجرم تلكَ الروح الخبيثة التي ليست منـَّا ..إنـه إبليس اللعين الذي لا يتصوَّر الشرُّ إلا ويكون بابه..ولا يزلُّ بشرٌ إلا بأفخاخه وما أكثرها وأغمضها ..!
لعنهُ اللهُ من مخلوق ٍ لم يكتفِ من الشرِّ بإضلال نفسه ..بل حزم أمره وأضنى حياتهُ ليضلَّ كلَّ خلق ِ الله كانَ أوَّلهم آدم..تـباً له وتعساً ولعناً"
قالَ آخرون:
"ويحكم ..أتلعنون من ينتشي باللعنة ..وتشتمون من يتعاظم بالشتيمة ..كيف لا وهو أصلُ اللعنة وأصلُ الشتيمةِ ..أرأيتم إذا رميتم النار بالنار هل تنطفئُ أم أنها تزداد تلظـِّياً شرَرا؟!
أولى بكم أن تلوموا أنفسكم فهي مفتاحُ الشرِّ إن كان الشيطان بابَه ..وهي الداعي لكلِّ غوايةٍ ..وفي شهوتها الدافعُ لكلِّ تمرُّد"
و التزم آخرون الصمت..
ثمَّ لمَّا ماتَ آدمُ عليهِ السلام ..وانتشر أبناؤه في الأرض حتى بلغوا أقطابها وملؤوا أصقاعها ..
عاف الذين لاموا آدم -بأكله للتفـَّاحة-تـفـاحَ الأرض الذي أصبحَ لهم حلالاً طيِّباً ..ثمَّ أقبلوا على لحوم بعضهم فلاكوها ومضغوها وكانت شرَّ مأكلة ..
وراح الذين لاموا حوَّاءَ بالأمس ,ينادون اليوم بحرِّيَّتها ..فلمَّا تحرَّرت ..نادوا بتعريتها ..فلمَّا تعرَّت هانَ عليهم النداء بمجَّانيَّتها ومشاعيَّتها وتحقـَّقت المدينة ُ الفاضلة ُ بزعمهم..
ثمَّ أصبحَ الذينَ شتموا إبليس بالأمس من أعز ِّ أخلائهِ يفضي إليهم ويفضون إليه ,ينادمونه في مجلسه ..ويساعدونه في مشاريعه..فأصبحَ منهم عبيدهُ ومنهم تلامذتــُه ومن أساتذتــُه!
أمـَّا الذين أوصوا بلوم الأنفس ومحاربتها ..عـرَّاهمُ الإمتحان وبدا لهم ضعفهم ..ولم يقووا على جولةٍ من جولاته..ولم يقدروا أن يقمعوا ثورة َ شهواتهم ..فتملـَّكتهم نفوسهم بعد أن كانوا مالكيها ..ولامتهم على خيريَّتهم بعد أن كانوا لائميها..
عندها تكـلــَّم الذين صمتوا بالأمس فقالوا:
"رحماكَ رحماك..أنزلـتنا إلى الأرض بتـفــَّاحةٍ ..فأيَّ هاويةٍ تنتظرنا بعد ذلك؟!"
لم تستطع الأرض أن تبقى صامتة ً فأجابتهم:
"ليس بعدي يا هؤلاء في هذه الدنيا هاوية.. ولستُ في الأصل هاوية ..بل أنا قدركم المحتوم الذي كُتِبَ لآدم من قبل ِ أن يُخـْلـَقْ..
حسبُكمْ هاوية َ ما ظهر في برِّي وبحري من فساد..
ألا وإنَّ صالحاً واحداً منكم يعدلني ويعدل الكون بأسرهِ قيمة ً ووزناً بل ويرجحُ علينا أيضاً ..
فأنتم خلقٌ كرَّمهمُ اللهُ وهم أهونُ شيءٍ عليه..وإن َّ هذه الكرامة ثمنها الاستقامة ..وهي السلعة التي يريدها الله منكم فلا تأتوهُ غداً بغيرها..فإنني لن أدوم لكم ولن تدوموا لي! ".
----------------------------------

تم تعديل هذه المشاركة بتاريخ 7-4-2008 الساعة 19:33 من قبل: حي بن يقظان
|
7-4-2008
00:13
|
|
حي بن يقظان
عضو مميز
|
الفضيلة الكاذبة
إن الرذيلة الصريحة هي رذيلة واحدة , لكن الفضيلة الكاذبة رذيلتان ..
* وإن من كذب الفضيلة أن تنحني الأمة لقانون لو حاكمته لاعتبرته متورطاً بالشروع في قتل هذه الأمة.
* وإن من كذب الفضيلة أن يُطرَحَ مشروعٌ إصلاح ٍ تكون مقدمته هي ذاتها خاتمته , فيبدأ بالرغبة في الإصلاح وينتهي عندها, ولا يزيد بين ذلك سوى أن يدور حول تلك الرغبة ويستعرضها بأطر ٍ وأشكالٍ شتى.
* وإن من كذب الفضيلة فرط التزين بزينة العصر , بدعوى وعي فقه الواقع وحسن التآلف معه , ثم لا يكون ذلكَ ألا هربٌ من حقيقة الفراغ من أخلاقيات الأمة إلى الفراغ من حقيقة فهم الواقع باقتنائه كشكل ٍ وتجرد ٍ عنه كمضمون .
* وإن من كذب الفضيلة أن ترى مصلحاً يقاتل عن الأمة بلسانه فتهتز لذلك كل جارحة من جوارحه , لكنَّ قلبهُ مفلف ومعلق بعرض من الدنيا , فظاهرهُ مقاتلٌ شرس , وباطنه مقامرٌ شره , يقاتلُ بسيفِ الحق بعد أن نفخ فيه روح الملعقة , وكأنه حين أجلب في معركته اللسانية تلك كان يصلصلُ بطناجرهِ وصحونه , ولو أنصف المستمعُ إليه لقال: " من يكفينا طعامُ هذا الشره , ويكفُّ عنا صراخه؟!"
إن الفضيلة الكاذبة هي التي جعلت لداخل المسجد منطقاً يختلف عن خارجه , وافتعلت هوة بين الشرع والواقع , فهي التي أرادت أن تملك الدنيا بجبة الزاهد , أو أن تمسخ الشرع بدعوى مواكبة العصر .. وهي التي جعلت الاستعراض مقدساً ونقدهُ نجاسة , وجعلت الفجور مبرراً ونقده فجوراً , وهي التي علمتنا أن نصمت طويلاً ثم نصرخ فجأةً كالرضيع الذي ينام جلَّ ساعات يومه فإذا قرصه الجوع انتفض باكياً ثمَّ لا يلبث أن يرضع حتى يعود لهجعته ...
.. تصبحون على حق ..
----------------------------------

تم تعديل هذه المشاركة بتاريخ 11-5-2009 الساعة 00:30 من قبل: حي بن يقظان
|
11-5-2009
00:16
|
|
جميع الأوقات بتوقيت قارة | الوقت الآن:
الاثنين
18/8/2025
18:27
|
 |
|
|
|
عدد الصفحات=4: ‹
1
2
3
4
›
منتدى الحوار
>>
منتدى الحوار العام
|
|